٤٦ ـ يوم يقوم الاشهاد
٤٧ ـ يومَ يقوم الروحُ والملائكة صفاً
التعبيران المذكوران أعلاه يذكّران بجانب آخر من أبعاد ذلك اليوم العظيم ويتركان أثراً اخلاقياً كبيراً لدى الإنسان ، ويشتملان على مناجاة تستهوي القلب والروح.
في التعبير الأول يصف ذلك اليوم بـ (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ). (المؤمن / ٥١)
و «أشهاد» : جمع «شاهد» أو «شهيد» (مثل «أصحاب» التي هي جمع «صاحب» ، و «اشراف» جمع «شريف») والأشهاد هنا هم شهود يوم القيامة ، ويرى بعض المفسرين أنّ المراد من الأشهاد هم فقط الملائكة الذين يراقبون الأعمال ، ويرى البعض الآخر أنّ المراد بهم الأنبياء عليهمالسلام والمؤمنون جميعاً.
ويرى آخرون أنّ المراد منهم جميع ماذكر بالإضافة إلى الجوارح التي تشهد على أعمال الإنسان أيضاً ، ولكن نظراً لوجود التعبير «يقوم» فإنّ هذا التفسير يبدو بعيد الاحتمال.
والتعبير ب «قيام» في مواردٍ كهذه هو بيان للوضع الخاص المتعارف عليه في المحاكم وهو قيام الشهود عند الادلاء بشهادتهم ؛ وذلك تأكيداً لجدّهم وحزمهم في أداء الشهادة واحتراماً لرسمية ووضع المحكمة.
على أيّة حال فهو يومٌ لايكفي فيه شاهد واحد فحسب بل يشهد فيه شهود كثيرون في تلك المحكمة العظمى ، شهادة تكون مصدر عز وفخر للمؤمنين وتأتي بالخزي والذلة للمجرمين ، شهادة تحيط بكل شيء ولا يخفى على شهودها شيء ، شهادة لا يسع المجرمون انكارها أبداً وتكون مدعومة بالقرائن الكثيرة حتى لا يبقى أمامهم طريق إلّاالتسليم والاذعان.
ومن هنا ينبغي الامعان في المعاني التي يحملها هذا الوصف عن القيامة وإلى مدى ما بلغت من التأثير والجذابية.
وفي الآية الثانية عبّر عن ذلك اليوم بـ (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ والْمَلَائِكَةُ صَفاً). (النبأ / ٣٨) بما أنّ «الصف» له معنىً مصدري ويستعمل في الجمع والمفرد على السواء ، فقد رأى