٤٨ ـ يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بنون
٤٩ ـ يوم لا بيعٌ فيه ولا خِلالٌ
ينعكس في هذين التعبيرين نداءان آخران متقاربان في الافق حول اوضاع ذلك اليوم العظيم ، ففي التعبير الأول قال تعالى : (يَوْمَ لَايَنْفَعُ مَالٌ وَلَابَنُونَ* إِلَّا مَن أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ). (الشعراء / ٨٨ ـ ٨٩)
وفي التعبير الثاني قال تعالى : (يَوْمٌ لَابَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ). (إبراهيم / ٣١)
في الواقع أنّ رأسمال هذه الدنيا يتلخص في ثلاثة أشياء : المال والثروة ، والأولاد الراشدون ، والأصدقاء الأوفياء ، لكن معضلات المحشر وابتلاءاته المهيبة لا يمكن الخلاص منها بالمال والثروة ولا بمعونة الأولاد ولا الأصدقاء ، ولو افترضنا أنّ جميع أموال الإنسان تنقل إلى هناك وكان جميع الأولاد والأصدقاء إلى جانبه فهذا لا يحل حتى عقدة واحدة من مشاكله ، وذلك لأنّ المقاييس والمعايير هناك شيء آخر ، والمنقذ في المحشر هو الإيمان والعمل الصالح والقلب السليم ، القلب الخالي من أي شرك ورياء ولا يوجد فيه مكان لما سوى الله.
أغلب المشكلات في هذه الدنيا يمكن حلّها عن طريق المال والثروة وتقديم الفدية والخسائر والرشوة وما شابه ذلك بصورةٍ مشروعة أو غير مشروعة ، ويمكن حل كثير من المصاعب أيضاً بواسطة الجهود الإنسانية بالأخص الأولاد الطيبين والأصدقاء المخلصين ، وبناءً على ذلك فإنّ أغلب مشاكل هذا العالم تُحل بهذه السبل ، بينما لا يكون لهذه الامور أي تأثير هناك.
ولا شك في أنّ المراد من المال والأولاد هنا هو غير الأولاد الذين استخدموا في الطريق المؤدي إلى رضوان الله ، أو الأصدقاء الذين يمكنهم الشفاعة عند الله ، بل المراد هو أنّ هذه الامور لو نقلت إلى هناك بمجرّدها فهي لا تغني شيئاً.
ولذا جاء في قوله تعالى : (الْأَخِلّاءُ يومَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلّا الْمُتَّقِينَ)! (الزخرف / ٦٧)
* * *