٥٠ ـ ... يوماً لا تجزى نفسٌ عن نفسٍ شيئاً
٥١ ـ يوم لا تملكُ نفسٌ لنفسٍ شيئاً
٥٢ ـ يوم لا يجزى والدٌ عن ولده
أحد طرق الاخلاص من مخاطب العقوبات في هذه الدنيا هو أن يتقبل شخص التبعات التي تترتب على الآخر نيابة عنه ويؤدّي الغرامات المالية التي تحملها الشخص الآخر ويتقبل عقوبة ذنبه برحابة صدر وطيب نفس.
يبيّن القرآن الكريم في الآيات المذكورة أعلاه والتي هي من صفات يوم القيامة عدم جواز إلقاء أوزار أعمال أحد على عاتق الآخرين مطلقاً ، فالكل مسؤول عن أعماله وهو لوحده يتحمل جزاءها فيؤدّي ثمن ما اقترف من جرائم وذنوب.
ففي الآية الاولى التي وردت في القرآن المجيد مرتين قال تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً لَاتَجْزِى نَفْسٌ عَنْ نَّفسٍ شَيْئاً). (البقرة / ٤٨ ـ ١٢٣)
وجاء هذا المعنى باختلاف ضئيل في الآية الثانية ، قال تعالى : (يَوْمَ لَاتَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً). (الانفطار / ١٩)
وفي الآية الثالثة ركّز على مورد متميز فقال : (وَاخْشَوا يَوْماً لَّايَجْزِى وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً). (لقمان / ٣٣)
إنّ العلاقة بين الأب والأولاد تقوم على أساس «العاطفة والمحبّة» ، وتقوم العلاقة بين الأولاد والأب على أساس «الاحترام والمحبّة» ، وفي الواقع أنّ هاتين العلاقتين هما أقرب وأقوى الروابط العاطفية لدى الإنسان ، ولكن رعب وخوف يوم القيامة يبلغ حداً من الهول العظيم ممّا يجعل هذه الروابط تتلاشى وتذوى وتبلغ حدّاً يؤدّي إلى أن لا يفكّر أحد إلّا بنفسه ، دون غيره.
وأفادَ عدد من المفسرين في تفسير الآيات المذكورة بأنّ «لا تجزي» أتت بمعنى «لا تغني» (١).
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ١ ، ص ١٠٣ ؛ وتفسير الميزان ، ج ١٦ ، ص ٢٥١ ؛ وتفسير روح البيان ، ج ١ ، ص ١٢٧.