وما أعظم خوف ذلك اليوم حقّاً! عندما يظهر ما في قلب الإنسان وروحه على وجهه ، إنّه يوم الخزي العظيم لسود القلوب ويوم الكرامة الكبرى لبيض القلوب ، ولهذا السبب يكون المؤمنون في ذلك اليوم موضع احترام وتكريم في المحشر ويكون الكافرون مورد لعنٍ وطرد!
٥٤ ـ ويخافون يوماً كان شرُّهُ مسطيراً
هذا التعبير جاء في موردٍ واحد من القرآن الكريم عند وصف الأبرار والمحسنين ، قال تعالى : (وَيَخَافُونَ يَوْماً كَان شَرُّهُ مُسْتَطِيراً). (الإنسان / ٧)
«مستطير» : من مادة «طيران» وهي هنا بمعنى واسع ومذبذب ، لذا فسّرها البعض بمعنى الشي الذي اتّسع بشكل خارق للعادة ، واطلق هذا التعبير على الفجر عندما ينبسط في الافق فقالوا : «فجرٌ مستطيرٌ».
و «الشر» : جاء هنا بمعنى عذاب يوم القيامة ، أو الخوف والرعب من ذلك اليوم الذي ينتشرُ حتى يغطي جميع الأرض والسماء ممّا يجعل الملائكة أيضاً يتملَّكهُمُ الخوف ، هناك يَتَمَلَّكُ الخوفُ الجميعَ لا المجرمين والمسيئين فحسب ، بل حتى المؤمنين والمحسنين يتملّكهم الخوفُ وذلك لأنّهم لا يعلمون ما ينتهي إليه مصيرهم أو مآلهم.
والجدير بالذكر أنّه يُعتبرُ في الآية المذكورة الخوفُ من مثل هذا اليوم من الصفات الممدوحة والامور الايجابية في أخلاق الأبرار الطاهرين ؛ وذلك لأنّ خوفاً كهذا يكون نابعاً من التقوى والتوجُّهِ إلى الطاعة المطلقة للخالق جلّ شأنهُ.
* * *
٥٥ ـ يوم يفرٌّ المرءُ من أخيه
التعبير أعلاه والذي ورد ذكره مرّة واحدة في القرآن المجيد هو تجسيم آخر بَيِّنٌ لمشهدِ يومِ القيامة ، قال تعالى : (يَوْمَ يَفِرٌّ الْمَرْءُ مِن أَخِيْهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيْهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيْهِ* لِكُلِ