٥٧ ـ هذا يومُ لا ينطقون
ورد ذكر هذا التعبير مرّة واحدة أيضاً في سورة المرسلات ، قال تعالى : (هذَا يَوْمُ لَايَنْطِقُونَ). (المرسلات / ٣٥)
هل يكون الفزع والخوف العظيم الحاصل في القيامة السبب في توقف ألسنتهم عن النطق كما هو الحال في الدنيا عندما تصيب الإنسان داهية تجعله لايستطيع الكلام؟!
أم لأنّهم لا يمتلكون خطاباً ولا عذراً وحجة؟! أم تتوقف الألسن عن التكلم بأمر الله وتشهد الجوارح على أعمالهم؟ كما جاء في الآية الكريمة : (الْيَومَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ). (يس / ٦٥)
من الممكن أن تجتمع هذه التفاسير الثلاثة معاً في الآية ، وإن كان التفسير الثالث أكثر مناسبة ، على أيّة حال فإنّ هذا لايمنع من أن يتكلّم الإنسان في بعض مواقف القيامة بأمر الله ، لأنّ القيامة لها مواقف مختلفة ، وقد اتضح من خلال الآيات القرآنية أنّ المجرمين في بعض هذه المواقف يكونون صُمّاً بُكْماً لاينطقون وأنّهم في مواقف اخرى يتكلمون بأمر الله.
* * *
٥٨ ـ يوَم يُكشَفُ عن ساقٍ ويُدْعَونَ إلى السٌّجودِ فلا يستطيعون
ونواجه هنا أيضاً من خلال هذا التعبير الدقيق والفريد من نوعه وجهاً عبوساً آخر لذلك اليوم العظيم ، قال تعالى ، : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَونَ إِلَى السٌّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ). (القلم / ٤٢)
يرى الكثيرُ أو جمعٌ من المفسرين بأنّ التعبير : «يُكْشَفُ عَن سَاقٍ» هو كناية عن هولِ المطلعِ وشدّة الخوف والفزع ، وذلك لأنّ الناس قديماً كانوا يرفعون الأكمام عن أذرعهم ويرفعون أذيال ثيابهم إلى المحزم تأهباً عند مواجهة الشدائد والحوادث وفي هذه الحالة تكون السيقان مكشوفة طبعاً.
ويرى بعضٌ من المفسرين أنّ هناك احتمالاً آخر في تفسير هذه الآية وهو إن «ساق»