لمحو آثار الذنوب فإنّ محوها غير ممكن إلّافي هذه الدنيا ، ومحو آثار الظلم عن طريق أداء حق المظلومين ، فيجب الاستفادة من هذه الفرصة وإلّا فإنّ في ذلك الموقف العظيم والمحكمة الكبرى لا ينفع الندم ولا الاعتذار ولا البكاء والعويل.
* * *
٦٠ ـ يومَ يعضُّ الظالمُ على يديه
هذا التعبير من التعبيرات الرهيبة أيضاً ، وقد ورد ذكره مرّة واحدة في القرآن المجيد ، قال تعالى : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِى اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) ثم أعقبه تعالى (يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذ فُلَاناً خَلِيلاً). (الفرقان / ٢٧ ـ ٢٨)
يعضُّ الإنسان أحياناً على أصابعه عند الندم للتأسُّفِ الشديد من الأعمال الماضية ، ويعضُّ أحياناً على ظاهر كفّه أيضاً ، وعندما يكون الندم والتحسّر شديداً جدّاً فإنّه يعضٌّ على كلتا يديه بالتناوب ، وهذا أروعُ تعبير لبيان شدّة الندامة والأسف.
بلى إنّ الظالمين يعضّون على أيديهم في ذلك اليوم العظيم بصورة مستمرّة ، لأننا نعلم بأنّ أحد أسماء ذلك اليوم هو : (يَوْمُ الْحَسْرَة). (مريم / ٣٩)
ولكن ما الفائدة من ذلك؟ هل أنّ إدماءَ الأيدي بالأسنان والذي هو نوع من الانتقام من النفس يصلح لحلّ المشكلة ، أو لجلب الاطمئنان؟ أم يزيدُ من ألم الظالمين ويجعل فضيحتهم اشنع؟!
جاء في تفسير «الميزان» إن «الظالم» في هذه الآية يشمل جميع الظالمين ، كما أنّ «الرسول» أيضاً يشمل جميع الرُّسُل ، (أي اللام فيهما للاستغراق) وإن كان الخطاب في هذه الآية موجهاً إلى ظالمي هذه الامة والمراد من الرسول هو رسول الله محمد بن عبداللهصلىاللهعليهوآله.
وقد ذكروا أسباباً مختلفة لنزول هذه الآية يطول تفصيلها ، ولكننا نعتقد بأنّ أسباب النزول لا تحدد مفهوم الآيات (١).
__________________
(١) للاطلاع أكثر راجع التفسير الأمثل ، ذيل الآية ٢٨ من سورة الفرقان.