٦١ ـ يومَ يُعرَضُ الَّذِينَ كفروا على النّار
٦٢ ـ يوم تقلّبُ وجوهُهُم في النار
يلاحظ هنا أيضاً تعبيران متشابهان ومتقاربان لوصف مشهد ذلك اليوم العظيم : ففي التعبير الأول والذي ورد ذكره مرّتين قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ). (الاحقاف / ٢٠ ـ ٣٤)
ففي الآية الاولى بعد ذكر هذا المقطع قال تعالى (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَونَ عَذابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ).
وفي الآية الثانية قال تعالى : (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ).
لقد ورد التأكيد في الآية الاولى لبيان أنّ السبب يقع على الجانب العملي ، أي تلك اللّذات اللامشروعة والاستفادة المحرمة من الهبات الإلهيّة ، وفي الآية الثانية جاء التأكيد على الجانب الاعتقادي الذي يكون سبباً في هلاك أهل النار.
ومن الملفت للنظر : إنّ بعض الآيات القرآنية تَذْكرُ بأنّ يوم القيامة يؤتى بالنار صوب المجرمين (وَجِئَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ). (الفجر / ٢٣)
ولكن في هذه الآية التي هي محلّ بحثنا ذُكِرَ بأنّ الكفار هم الذين يساقون تجاهَ النار ، وكأنّما هنالك قوّة جذب بينهما ، فتارة يؤتى بجهنم صوبهم وأخرى يؤتى بهم إلى النار! ليتجرّعوا العذاب.
وفي التعبير الثاني يُشار إلى نوع آخر من أنواع العذاب المؤلم ليوم القيامة ويسمى ذلك اليوم باسم ذلك العذاب ، قال تعالى : (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرّسولَا). (الاحزاب / ٦٦)
وللمفسرين اقوال عدّة في المراد من تقلّب الوجوه في ذلك اليوم ، فتارةً قيل إنّ المراد من التقلّب هو تغيّر لون الوجوه ، فتكون مصفرّة وذابلة وأُخرى تصير محمرّة كالنار وثالثة تسودُّ وتصبح كقطع الليل.