ومصداقه حقيقة لا لفظه ، وذاك معناه كي يكون مستعملا فيه استعمال اللّفظ في المعنى فيكون اللّفظ نفس الموضوع الملقى إلى المخاطب خارجا قد احضر في ذهنه بلا وساطة حاك وقد حكم عليه ابتداء بدون واسطة أصلا لا لفظه ، كما لا يخفى». (١)
والمراد من قوله قدسسره : «قد أحضر في ذهنه» ـ حسب الظّاهر ـ هو إحضار صورته ونقشه على ما حقّق آنفا ، لا إحضار نفس الخارج ومتنه ؛ لبداهة استحالته ، كما أنّ المراد من قوله : «بلا وساطة حاك» هو أنّه لا حاكي ولا دالّ بدلالة وضعيّة ، فإذا لا يرد عليه ما عن الإمام الرّاحل قدسسره من قوله : «وأمّا حمل ذلك على إلقاء الموضوع في ذهن السّامع فهو أفسد ؛ إذ الموضوع للحكم ليس إلّا الهويّة الخارجيّة ، ولا تنال النّفس متن الأعيان ولا يمكن إلقاءها في ذهن السّامع». (٢)
(الأمر الثّاني عشر : وضع الألفاظ)
قد اختار الإمام الرّاحل قدسسره : أنّ الألفاظ توضع لنفس معانيها من حيث هي هي ، لا من حيث كونها مرادة للافظها ، فلا دخل للإرادة في معاني الألفاظ أصلا لا لمفهومها ولا لمصداقها ولا شطرا ولا شرطا ، وهذا هو الحقّ.
والتّحقيق فيه يقتضي أن يقع الكلام ، تارة في مقام الثّبوت ، واخرى في مقام الإثبات.
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢١.
(٢) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٣٣.