وعلى جميع التّقادير والفروض ، سواء وقع في نثر أو نظم ، وسواء في محاورات عرفيّة أو علميّة ، خلافا لما إذا كان الانسباق والتّبادر في بعض الأحوال ، فلا يكون حاقّا مستندا إلى نفس اللّفظ ، كما ذهب إليه المحقّق العراقي قدسسره (١) ، أقوال.
والحقّ أن يقال : إنّ التّبادر لو احرز من حاقّ اللّفظ ومن غير قرينة ، فهو ، وإلّا فلا طريق لإحرازه ؛ وأمّا الطّرق المذكورات ، فلا يعتمد على شيء منها.
أمّا أصالة عدم القرينة ، فلأنّها من الاصول العقلائيّة الجارية ـ بعد العلم بالمعنى الحقيقيّ والمجازيّ ـ لتشخيص المراد من اللّفظ ، بأنّه هل هو المعنى الحقيقيّ أو المعنى المجازي؟ لا لتشخيص المعنى الحقيقيّ وإحراز أنّ المعنى متبادر من حاقّ اللّفظ.
ومن هنا يعلم حال الظّن ـ أيضا ـ إذ من المحتمل قويّا أنّ مراد صاحب الفصول قدسسره منه ، هو أصالة عدم القرينة ، وإلّا فلا معنى محصّلا له.
وأمّا الاطّراد ، فلأنّ مجرّده لا يكون طريقا إلى الوضع وإلى أنّ المعنى متبادر من حاقّ اللّفظ ، إلّا أن يوجب العلم به ، وهذا الفرض لو سلّم ، خروج عن فرض الكلام.
وبعبارة اخرى : أنّ الاطّراد لو كان بلا احتمال قرينة خاصّة أو عامّة ، بأن كان الانسباق من حاقّ اللّفظ ونفسه ، فالتّبادر حاقّي وهو من علائم الوضع والحقيقة ، وإلّا فمجرّد الاطّراد لا يجدي لذلك ، كيف! وأنّ المجاز ـ أيضا ـ ربما يكون مطّردا.
ولعلّ مراد المحقّق العراقي قدسسره هو أنّ انسباق المعنى من اللّفظ وتبادره منه بلا
__________________
(١) راجع ، كتاب بدائع الافكار : ج ١ ، ص ٩٧ ؛ ومقالات الاصول : ج ١ ، ص ٣٠.