أيّة قرينة في جميع الأحوال والفروض ، دليل على كونه حاقّيّا ، فكأنّه قدسسره يفسّر ويوضح التّبادر الحاقّي ، فتأمّل جيّدا.
ومنها (من علائم الحقيقة والمجاز) : صحّة الحمل أو عدم صحّة السّلب ، وصحّة السّلب أو عدم صحّة الحمل.
توضيحه : أنّه لو يصحّ حمل لفظ على معنى ولا يصحّ سلبه عنه ، يعلم منه أنّ ذلك المعنى هو المعنى الحقيقيّ الّذي وضع اللّفظ له ، دون غيره ، وأمّا لو لم يصحّ الحمل ويصحّ سلبه عنه يكشف منه ، أنّ ذلك المعنى هو المعنى المجازي الّذي وضع اللّفظ لغيره ، فلفظ : «الأسد» مثلا ، حيث إنّه يصحّ حمله على الحيوان المفترس ، يعلم أنّ هذا المعنى هو الّذي وضع له لفظ : «الأسد» وأنّه هو المعنى الحقيقي له ، وحيث إنّه لا يصحّ حمله على الرّجل الشّجاع ، يعلم أنّ هذا المعنى هو غير ما وضع له اللّفظ وأنّه هو المعنى المجازي له.
هذا ، ولكنّ الحقّ : أنّ صحّة الحمل ليس علامة للحقيقة ، وكذا عدم صحّته ليس علامة للمجاز ، بلا فرق بين أقسام الحمل من الأوّلي الذّاتي والشّائع الصّناعي بالذّات أو بالعرض.
أمّا صحّة الحمل الأوّلي الذّاتي ، فوجه عدم كونه علامة للحقيقة هو أنّ صحّة هذا الحمل عند المستعلم ، تتوقّف على علمه وتصديقه باتّحاد اللّفظ بما له من المعنى الارتكازي مع المعنى المشكوك فيه ، وليس هذا إلّا نفس التّصديق والعلم بوضع ذلك اللّفظ لهذا المعنى ، فلا جهل ولا شكّ حينئذ حتّى يرتفع بصحّة الحمل ، هذا بالنّسبة إلى المستعلم ، وأمّا بالنّسبة إلى أهل اللّسان ، فهو إمّا يعلم اتّحاد المفهومين ولو لم يكن هناك حمل من جانب الغير ، فيعود المحذور ، وإمّا لا يعلم اتّحادهما إلّا من ناحية