وفيه : أنّ هذا الإشكال مبتن على القول بكون الصّلاة موضوعة لنفس الآثار أو للمقيّد بها أو بالملاكات ، وهذا كلّه خلاف ما ذهب إليه المحقّق الخراساني قدسسره بل كلامه صريح في أنّها موضوعة للجامع المؤثّر ، وأنّ الآثار ممّا يشار بها إلى ذلك الجامع ، فالمسمّى هو نفس الجامع من حيث هو المكشوف المحرز من ناحية آثاره وخواصّة ، لا من حيث هو مقيّد بالآثار أو بالملاكات وهو متعلّق بالتّكليف والأمر من دون تقييد بها أو بالملاكات.
على أنّه لا مانع من تعلّق التّكليف بالمقيّد بالآثار أو الملاكات ، ولا يلزم منه التّكليف بغير المقدور ؛ إذ الصّلاة الواجدة للأجزاء والشّرائط تترتّب عليها الملاكات وتتعقّب بالخواصّ والآثار قهرا ، فحينئذ تكون الآثار مقدورة بالواسطة.
هذا ، ولكنّ التّحقيق في تصوير الجامع يقتضي أن يقال : إنّ الجامع في المجعولات الشّرعيّة ، كالصّلاة ـ مثلا ـ هو نظير الجامع في الامورات الاعتباريّة والمركّبات غير الحقيقيّة ، كالخبز ونحوه.
توضيحه : أنّه لا ريب في أنّ التّسمية في الامور الاعتباريّة على اختلافها من كلّ جهة إنّما تكون بنحو التّواطي ابتداء ، ثمّ يعرضها التّشكيك تدريجا ، ألا ترى ، أنّهم وضعوا ابتداء للمطبوخ من دقيق الحنطة اسما وهو «الخبز» ثمّ وجدوا دقيق الشّعير إذا طبخ يفي بعين ما هو المقصود من «الخبز» من دقيق الحنطة وهو سدّ الجوع ، فوسّعوا في الإسم فسمّوه «الخبز» ، أيضا.
وكذلك دقيق الارز والذرّة وغيرهما مع خليط آخر أو بدونه ، ومع تغيير خصوصيّات من الشّكل وغيره وبدونه ، فلم يزالوا يوسّعون في الإسم حتّى حصلت المراتب على اختلافها الشّديدة ، لكن في أوّل المراتب إنّما اعتبروا جامعا متواطئا