بالنّسبة إلى أفراده غير المختلفة ، ثمّ اعتبروا وحدتها النّوعيّة مع ما يليها من المراتب ، ثمّ الثّالثة مع الثّانية ، والرّابعة مع الثّالثة ، وهكذا ، فوجدوا المراتب مختلفة اختلافا شديدا بحيث كلّ ما ازدادت المراتب ، ازداد الجامع إبهاما ، فحكموا بكون المفهوم الجامع مشكّكا في غاية الإبهام وتشبثوا لفهمه بالمعرّفات من الآثار والأغراض.
ولا يخفى : أنّ المجعولات الشّرعيّة من العبادات ، كالصّلاة تكون من هذا القبيل ، حيث إنّها شرّعت ابتداء ـ على ما فرضه الله تعالى ـ ركعتين مع ما لها من الأجزاء والشّرائط ، فأخذ معناها الجامع جامعا متواطئا يصدق على أفراده على وتيرة واحدة ، ثمّ اضيف إليها ما فرضه النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتصرّف فيها بالتّصرّفات المختلفة بالعفو والاعتبار بحسب الحالات الطّارئة والأعذار اللّاحقة من السّفر والحضر والخوف والمرض ونحوها حتّى وصلت النّوبة إلى صلاة الغريق ، وهي مجرّد إيماء قلبي ، فالصّلاة ، كما ترى تبتدئ من جامع متواط في مرتبة واحدة ، ثمّ بين كلّ مرتبة وما يليها ، ثمّ اعتبر جميع هذه الجوامع المتواطئة المختلفة وسبك جامع واحد منها ، فينتج التّشكيك.
فقد تبيّن ، أنّ الجامع في المركّبات الاعتباريّة ومنها العبادات الشّرعيّة ، معنى مبهم تشكيكي يتوصّل إلى اعتباره أوّلا باعتبار جوامع متواطئة يستنتج هو منها ، وإلى فهمه ثانيا بالمعرّفات من الأغراض والآثار ، هذا كلّه ما أشار إليه السّيّد الاستاذ العلّامة الطّباطبائي قدسسره (١) وقريب منه ما عن الإمام الرّاحل قدسسره. (٢)
__________________
(١) راجع ، حاشية الكفاية : ص ٤٢ و ٤٣.
(٢) راجع ، تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٥٦ و ٥٧ ؛ ومناهج الاصول : ج ١ ، ص ١٥٥ الى ١٥٧.