إلّا كانتزاع الجنس والفصل عن الموجود الواحد البسيط المتّحد جنسه مع فصله.
توضيحه على ما أفاده الامام الرّاحل قدسسره (١) : هو أنّ تركيب الجنس والفصل اتّحاديّ ، كتركيب المادّة والصّورة وليس بانضماميّ ؛ لأنّ المادّة المتّصفة بالكمال الأوّل وهو الحركة تتوجّه إلى صوب كمالاتها الثّانية ، فتتحرّك شيئا فشيئا حتّى تصل إليها ، ففي هذه الحالة تتوارد عليها صور متعدّدة متعاقبة طوليّة بحيث تصير في كلّ مرتبة من مراتب تكاملها عين صورة تلك المرتبة بلا تعدّد وتكثّر فيها وجودا وهويّة وبلا تركيب تفصيلى ، نعم ، تقبل التّعدد والتّركّب التّعمّليّ التّحليلي.
ثمّ إنّ هذه الحركة والسّيلان واعتوار الصّورة تدوم وتستمرّ إلى حين الوصول إلى الصّورة القصوى ، والفعليّة العليا الجامعة لجميع الفعليّات والكمالات ، فلا تنافي هذه البساطة والوحدة الشّخصيّة انتزاع حدود من الأجناس والفصول عنها ؛ إذ الحدّ والتّركّب الحدّي أمر تعمّلي تحليلي ، وهذا النّحو من التّركّب لا ينافي البساطة والوحدة الخارجيّة ، والأمر في المشتقّ كذلك ، فلا ينافي تركّبه التّعمّلي بساطة مفهومه ، فوزان تحليل المشتقّ وانحلاله إلى الذّات والحدث ، وزان تحليل الموجود الواحد وانحلال الهويّة الواحدة إلى الجنس والفصل.
وبعبارة اخرى : وزان المفاهيم ومداليل الألفاظ المشتقّة ، وزان الواقعيّات الخارجيّة الماديّة المركّبة من المادّة والصّورة اللّتين ينتزع منهما الجنس والفصل ، فكما أنّ التّركيب التّعمّلي هناك لا ينافي البساطة ، كذلك الأمر هنا.
هذا كلّه ، مضافا إلى أنّ المحذور الّذي ذكر قدسسره في أخذ مصداق «الشّيء» في
__________________
(١) راجع ، تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٩١ و ٩٢.