المشتقّ وهو انقلاب القضية الممكنة إلى الضّرورية ، يندفع ، بأنّ انقلاب القضيّة الممكنة إلى الضّروريّة إنّما يلزم لو كان هناك تركيب تفصيلى ، واخذ الذّات في المشتقّ تفصيلا ، حيث يصير مثل «الإنسان ضاحك» أو «كاتب» حينئذ قضيّتين : أحدهما : «الإنسان إنسان» ؛ والاخرى : «الإنسان له الضّحك» أو «الكتابة».
ولكن عرفت آنفا : أنّ التّركيب في المشتقّ ، تعمّلي تحليليّ ، لا تفصيليّ ، فالقضيّة المذكورة قضيّة واحدة وإخبار واحد ، وهو إخبار عن ضحك الإنسان أو كتابته ، لا عن إنسانيّة الإنسان ، نظير التّركيب التّحليلي في قضيّة «زيد انسان» حيث إنّ مفادها هو «زيد له الإنسانيّة» و «زيد له الحيوانيّة» و «زيد له النّاطقيّة» إلى غير ذلك من القضايا والتّركيبات التّعمليّة التّحليلية.
على أنّه لا يلزم الانقلاب ، حتّى لو قيل : بالتّركيب التّفصيلي ، بل يلزم حينئذ الانحلال إلى قضيّتين وهما الضّروريّة والممكنة ، والانحلال كذلك أمر ، والانقلاب أمر آخر ، فتأمّل جيّدا.
الوجه الثّاني : ما ذكره المحقّق الخراساني قدسسره : وإليك نصّ كلامه : «ثمّ إنّه يمكن أن يستدلّ على البساطة بضرورة عدم تكرّر الموصوف في مثل «زيد الكاتب» ولزومه من التّركّب وأخذ الشّيء مصداقا ، أو مفهوما في مفهومه». (١)
وفيه : أنّ هذا الاستدلال إنّما يتمّ ، بناء على القول بالتّركّب تفصيلا لا تحليلا ، وقد عرفت مرارا ، أنّه لا تركيب هنا إلّا بحسب التّعمّل والتّحليل العقلي ، فلا تكرار في البين ، بل إجمال وتفصيل وإبهام وتعيين ، فزيد في «زيد الكاتب» تفصيل وتعيين بما
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٨٢.