وفيه : أنّ هذا القول إنّما يتمّ إذا فرض هنا لفظ واحد موضوع بإزاء معان مختلفة بأوضاع متعدّدة ، وليس الأمر كذلك ؛ إذ الموضوع للمعني الحدثي ليس إلّا مادّة الأمر وهي كلمة «ا ـ م ـ ر» الخالية من جميع الهيئات والمجرّدة عن الفعليّات والتّحصّلات والجارية في جميع الفروع المشتقّة ، فيقال : «أمر ـ يأمر ـ آمر ـ مأمور».
وأمّا الموضوع لمعان أخر غير حدثيّة ليس إلّا مجموع هيئة الأمر ومادّته وهو لفظ «الأمر» الجامد المتحصّل في هيئة خاصّة ، كسائر الألفاظ الجامدة من الإنسان وغيره. وعليه ، فلفظ الأمر الموضوع للمعنى الحدثي يغاير لفظه الموضوع لمعان غير حدثية ، وإذا تعدّد اللّفظ الموضوع كتعدّد المعنى الموضوع له ، فلا مجال للاشتراك اللّفظي.
ولعلّ القائل به يرى أنّ مادّة المشتقّات هو المصدر ، وهذا كما ترى ؛ إذ مقتضى التّحقيق هو أنّ المصدر نفسه من الفروع المشتقّة لا مادّتها.
ثانيها : ما عن المحقّق النّائيني قدسسره من أنّ المادّة موضوعة للمعنى الحدثي وغيره على نحو الاشتراك المعنوي. (١)
ولا يخفى ما فيه من الوهن ؛ إذ مضافا إلى اعتبار لفظ واحد في الاشتراك المعنوي لا بدّ فيه من وجود الجامع بين المعنيين.
ومن الواضح جدّا ، عدم وجود الجامع بينهما ؛ إذ لو فرض وجود الجامع ، فلا بدّ أن لا يكون معنى حدثيّا قابلا للاشتقاق ولا جامديّا غير قابل له ، وإلّا فلا يصدق
__________________
(١) أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ٨٦ و ٨٧ ، حيث قال : «... فلا يكون للفظ الأمر إلّا معنى واحدا تندرج فيه كلّ المعاني المذكورة ، وتصوّر الجامع القريب بين الجميع وإن كان صعبا إلّا أنّا نرى وجدانا أن الاستعمال في جميع الموارد بمعنى واحد ومعه ، ينتفي الاشتراك اللّفظي».