أمّا الأصل اللّفظي ، فالتّحقيق فيه يحتاج إلى تنقيح معنى الواجب التّخييري ، فنقول : إنّ الأقوال فيه ثلاثة :
أحدها : أنّ الواجب التّخييري هو ما يختاره المكلّف في مقام الامتثال ، نظير كفّارة التّخيير ، فإذا اختار المكلّف أحد الأبدال الثّلاثة من العتق والصّيام والإطعام كان هو الواجب في حقّه ، وكذلك في موارد التّخيير بين القصر والإتمام ، فأيّهما اختار المكلّف يكون واجبا.
ثانيها : أنّ الواجب التّخييري هو أنّ كلّ واحد من الطّرفين ، أو الأطراف واجب تعيينيّ متعلّق للإرادة مستقلّا ، لكن يسقط وجوب كلّ بفعل الآخر ، فيئول هذا إلى اشتراط وجوب كلّ بعدم إتيان الآخر.
ثالثها : أن الواجب التّخييري هو أنّ أحد الطّرفين أو الأطراف واجب لا بعينه والتّطبيق إنّما هو بيد المكلّف ، فيشترك مع الواجب التّعيينيّ ، حيث إنّ الواجب فيه ـ أيضا ـ أحد أطراف متصوّرة فيه ، والتّطبيق إنّما هو بيد المكلّف ، فإذا اختار ـ مثلا ـ الصّلاة في أوّل الوقت ، كان هو الواجب في حقّه دون سائر الأفراد.
نعم ، يفرق بينهما بوجهين :
أحدهما : أنّ التّخيير في الواجب التّخييري شرعيّ ، بمعنى : أنّه يلزم ذكر البدلين أو الأبدال من ناحية الشّرع الأنور ، بخلاف الواجب التّعيينيّ ، فإنّ التّخيير فيه عقليّ ، بمعنى : أنّ العقل يحكم بجواز اختيار أحد الأفراد.
ثانيهما : أنّ متعلّق الوجوب في التّعييني هو الطّبيعة المتأصّلة والجامع الحقيقى ، وفي التّخييري هو الطّبيعة الانتزاعيّة والجامع العنواني ، نظير عنوان «أحدهما» أو «أحدها» ، ولا منع في تعلّق الأمر بهذا الجامع ، كما لا منع في تعلّق الصّفات الحقيقيّة به ،