وأمّا بناء على مختار المشهور ، فلأنّ حمل الأمر على معناه الموضوع له ، إنّما يصحّ إذا لم يحتفّ الكلام بما يصلح للقرينيّة ، وأمّا عند احتفافه به ، كما في المقام حسب الفرض ، فلا مجال للحمل المذكور.
نعم ، بناء على اعتبار أصالة الحقيقة تعبّدا ، لا مانع من حمل الأمر على الوجوب في مثل المقام ؛ إذ لا موجب لرفع اليد عن التّعبّد بمجرّد احتفاف الكلام للقرينة ، ولكنّ التّحقيق خلافه ، لما بيّن في محلّه ، من أنّ أصالة الحقيقة حجّة من باب الظّهور ، لا التّعبّد ، فإذا لا يبقى الظّهور بعد اقترانه بما يصلح للقرينيّة.
(المورد التّاسع : المرّة والتّكرار)
قد وقع الخلاف بين الأعلام في أنّ الأمر ، هل يدلّ على المرّة أو التّكرار ، أم لا يدلّ على شيء منهما؟ والتّحقيق يقتضى التّكلّم في مقامين :
الأوّل : في تحرير محلّ النّزاع ، فعن صاحب الفصول قدسسره أنّ النّزاع إنّما هو في خصوص الهيئة ، إمّا هي بوحدتها ، أو مع مادّتها.
وأمّا المادّة وحدها ، فهي خارجة عن مورد الكلام ؛ ضرورة ، أنّها لا تدلّ على المرّة أو التّكرار ، واستشهد له بنصّ جماعة ، وبحكاية السّكّاكي ، الاتّفاق على أنّ المصدر المجرّد من اللّام والتّنوين لا يدلّ إلّا على الماهيّة من حيث هي. (١)
__________________
(١) راجع ، الفصول الغرويّة ، ص ٥٧ ؛ وراجع ، مناهج الوصول : ج ١ ، ص ٢٨٤ ؛ ومفتاح العلوم : ص ٩٣.