أحدها : القول بالجواز مطلقا.
ثانيها : القول بعدمه مطلقا.
ثالثها : القول بالتّفصيل ، بين ما إذا كان امتثال الأمر علّة تامّة لحصول الغرض الأقصى ، وبين ما إذا لم يكن كذلك.
وهذا ما ذهب إليه المحقّق الخراساني قدسسره حيث قال : «... مع الإتيان بها مرّة لا محالة يحصل الامتثال ويسقط الأمر فيما إذا كان امتثال الأمر علّة تامّة لحصول الغرض الأقصى ، بحيث يحصل بمجرّده ، فلا يبقى معه مجال لإتيانه ثانيا بداعي امتثال آخر ، أو بداعي أن يكون الإتيانان امتثالا واحدا ... وأمّا اذا لم يكن الامتثال علّة تامّة لحصول الغرض ، كما إذا أمر بالماء ليشرب أو يتوضّأ فأتى به ولم يشرب أو لم يتوضّأ فعلا ، فلا يبعد صحّة تبديل الامتثال بإتيان فرد آخر أحسن منه ، بل مطلقا ، كما كان له ذلك قبله». (١)
والتّحقيق يقتضي صحّة القول الثّاني (عدم الجواز مطلقا).
والوجه فيه : أوّلا : أنّه على تقدير تعلّق الأمر بالطّبيعة وعدم وجود دليل على لزوم التّكرار والإتيان بها ثانيا ، يحصل الامتثال بمجرّد إيجاد تلك الطّبيعة في ضمن فرد ما ؛ لانطباقها عليه قهرا ؛ إذ ليس الامتثال إلّا الإتيان بما ينطبق عليه الطّبيعة المأمور بها.
ومن المعلوم : أنّه إذا حصل الامتثال ، حصل الغرض الموجب لسقوط الأمر به ـ أيضا ـ فإذا لا يبقى مجال للامتثال ثانيا ، بل يلزم منه الخلف ؛ إذ الامتثال بداعي
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٢٢.