(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ)(١) مثلا ، أمر واحد دالّ على وجوب طبيعي الصّلاة في الوقت المذكور ، غاية الأمر ، جاء دليل آخر دالّ على اشتراطها بالطّهارة المائيّة حال الاختيار ، نظير قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ...)(٢) ودليل آخر دالّ على اشتراطها بالطّهارة التّرابيّة عند الاضطرار وعدم وجدان الماء ، نظير قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً). (٣)
وبالجملة : ليس هنا أمران :
أحدهما : ما تعلّق بالصّلاة المتقيّدة بالطّهارة المائيّة حال الاختيار.
وثانيهما : ما تعلّق بها المتقيّدة بالطّهارة التّرابيّة حال الاضطرار ، بل المأتيّ به بالشّرط الاضطراري نفس المأتي به بالشّرط الاختياري من جهة الأمر والمتعلّق ، بلا اختلاف بينهما ، كما هو كذلك في الشّرط الواقعي والشّرط الظّاهري ، فإنّ المأتيّ به فيهما ـ أيضا ـ واحد من ناحية الأمر والمتعلّق ، كما لا يخفى.
إذا عرفت هذه الامور ، فنقول : إنّ البحث في الإجزاء يتمّ برسم مسائل :
الاولى : أنّ إتيان المأمور به بأيّ أمر كان ، هل يجزي عن أمر نفسه ، أم لا؟
الثّانية : أنّ إتيانه بالأمر الاضطراري ، هل يجزي عن الأمر الاختياري ، أم لا؟
الثّالثة : أنّ إتيانه بالأمر الظّاهري إذا انكشف خلافه ، هل يجزي عن الأمر الواقعي ، أم لا؟
أمّا المسألة الاولى : فعن المحقّق الخراساني قدسسره : أنّ الإجزاء هنا عقليّ ، سواء
__________________
(١) سورة الاسراء (١٧) : الآية ٧٨.
(٢) سورة المائدة (٥) : الآية ٦.
(٣) سورة المائدة (٥) : الآية ٦.