بالأمر الواقعي يقتضي تحصيل البراءة اليقينيّة ، فكيف حكم قدسسره بأصالة البراءة». (١)
وقد أجاب عنه مقرّره بما حاصله : أنّ مراد المحقّق الخراساني قدسسره من الإطلاق ليس هو إطلاق الاضطرار ، بل المراد إطلاق البدليّة. (٢)
توضيحه : أنّ الشّارع جعل التّكليف الاضطراري بدلا للاختياري ، لعدم القدرة عليه ، فلا يكون الواقعي حين الاضطرار فعليّا ، بل الفعلي هو البدل ، فلو كان لنا إطلاق دالّ على البدليّة إلى الأبد نأخذ به فيحكم بالإجزاء ، وإلّا فنشكّ في أنّ البدليّة هل هي إلى الأبد حتّى مع ارتفاع الاضطرار ، أو تكون في زمنه فقط ، فيحكم بالبراءة؟ إذ الواقعي لم يكن فعليّا حين الاضطرار ، فنشكّ في فعليّته بعد ارتفاعه ، والمرجع هي البراءة لكونه شكّا في أصل التّكليف.
وفيه : أنّ سعة البدليّة وضيقها تدور مدار سعة الاضطرار وضيقه ، فإذا كان الموضوع هو الاضطرار المطلق ، فالبدليّة تكون إلى الأبد ، وإذا كان هو الاضطرار المستوعب تكون البدليّة في خصوص زمن الاضطرار ، وعليه ، فالشّك في كون البدليّة هل هي إلى الأبد أو إلى زمن الاضطرار؟ ناش من الشّك في كيفيّة الاضطرار.
وإن شئت فقل : فعليّة التّكليف الاضطراري زمنه ، عند ارتفاع الاضطرار بعده ، في فرض كون الموضوع هو الاضطرار المستوعب زعميّة لا واقعيّة لها ، بل الفعليّة حينئذ كانت للواقعي ، كما أنّ فعليّة التّكليف الاضطراري زمنه ، عند ارتفاعه بعده ، في فرض كون الموضوع هو الاضطرار المطلق واقعيّة ، ونتيجة ذلك كلّه ، أنّه لا مجال للبراءة مطلقا عند الشّك في أنّ البدليّة إلى الأبد أو إلى زمن الاضطرار.
__________________
(١) نهاية الاصول : ج ١ ، ص ١١٩.
(٢) راجع ، نهاية الاصول : ج ١ ، ص ١١٩.