والحقّ في الجواب أن يقال : إنّ المكلّف حال الفقدان قاطع بعدم فعليّة الأمر الواقعي وهو إتيان الصّلاة بالطّهارة المائيّة ، ولكن يحتمل أن يكون وظيفته العمل بالأمر الاضطراري ، فيأتيه رجاء ، ولا ريب ، أنّه إذا أصاب الماء فشكّ في بقاء التّكليف الواقعي على عهدته ، كان مرجع هذا الشّك إلى الشّك في أصل التّكليف ، لا في سقوطه بعد العلم بثبوته.
هذا تمام الكلام في الموضع الأوّل (فرض ارتفاع الاضطرار في الوقت).
وأمّا الموضع الثّاني (فرض ارتفاعه في خارج الوقت) : فبناء على ما اخترناه من وحدة الأمر وكون الاختلاف في المصاديق ، يحكم بالإجزاء وعدم وجوب القضاء عند ارتفاع الاضطرار خارج الوقت ، أيضا ؛ إذ موضوع القضاء هو الفوت ، ومع إتيان المكلّف بوظيفته ، لا فوت حتّى يجب عليه القضاء ، ولا فرق في ذلك ، بين أن يكون الموضوع للأمر الاضطراري هو مطلق الاضطرار أو الاضطرار المستوعب ، لما أشرنا سابقا ، من أنّ قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ...) يقتضي كفاية عدم وجدان الماء حين إرادة الصّلاة والقيام إليها في وجوب التيمّم وإتيان الفريضة به.
ويؤيّد ذلك إطلاق أدلّة التّقية ، حيث إنّه ظاهر في كفاية مطلق الاضطرار في تشريع العمل على وفق التّقية ، فإن إطلاق الأمر بالصّلاة (١) معهم ، بل كلّ عمل شرّعت فيه التّقية ، يدلّ على تشريعها فيه حين الابتلاء بها وإن علم المكلّف بارتفاعها في باقي الوقت.
__________________
(١) راجع ، وسائل الشّيعة : ج ٥ ، كتاب الصّلاة ، الباب ٥ من أبواب صلاة الجماعة ، ص ٣٨١ و ٣٨٢.