وأمّا بناء على تعدّد الأمر ، ـ وأنّ التّكليف الواقعي الأوّلي تعلّق بالتّام شطرا وشرطا ، وفقدا للمانع الّذي هي وظيفة المختار ، غاية الأمر ، قد يطرأ ما يمنع عن تنجّزه ، كالاضطرار فيجعل حينئذ العمل الاضطراري غير التّام بدلا عن الواقعي الاختياري ـ فيقع البحث في الإجزاء وعدمه ، تارة حسب مقام الثبوت ، واخرى حسب مقام الإثبات.
أمّا مقام الثّبوت فالكلام فيه ما أشرنا إليه في الموضع الأوّل من الاحتمالات الأربعة ، فلا نعيد ، وأمّا مقام الإثبات فيبحث فيه من جهتين :
الاولى : من جهة مقتضي الأدلّة وما يستظهر منها.
الثّانية : من جهة مقتضي الأصل عند الشّكّ.
أمّا الاولى : فتارة تلاحظ الأدلة الأوّليّة الدّالّة على اعتبار الجزئيّة أو الشّرطيّة ؛ واخرى تلاحظ الأدلّة الثّانويّة الواردة في مورد الاضطرار.
أمّا الأدلّة الأوّليّة ، فهي على طائفتين :
إحداهما : ما ورد بغير لسان الأمر والنّهي ، وهو الّذي يعبّر عنه بالأدلّة بلسان الوضع ، نظير قوله عليهالسلام : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» (١) وقوله عليهالسلام : «لا صلاة إلّا بطهور» (٢) ونحوهما.
ولاريب : أنّ هذه الطّائفة لها إطلاق بالنّسبة إلى حالات المكلّفين من العلم والجهل والاختيار والاضطرار ، فتثبت بها الجزئيّة أو الشّرطيّة في جميع أحوال
__________________
(١) مستدرك الوسائل : ج ٤ ، كتاب الصّلاة ، الباب ١ من أبواب القراءة في الصّلاة ، الحديث ٥ ، ص ١٥٨.
(٢) تهذيب الأحكام : ج ٢ ، ص ١٤٠ ، الحديث ٣.