نعم ، معنى وجوبها ، هو أنّ الآمر ينظر إلى ماهيّتها ، فيرى فيها المصلحة التّامّة الملزمة ، ثمّ يأمر المكلّف بإيجادها ، فلا شيء هنا يعرض الصّلاة بذاتها.
فتحصّل ممّا ذكرنا : أنّ الالتزام بوجود الموضوع لكلّ علم ، حقيقيّا كان أو اعتباريّا ، نظريّا كان أو عمليّا ، وكذا الالتزام بلزوم كون البحث فيه عن عوارضه الذّاتيّة ، ثمّ الالتزام بالاستطراد في كثير من المباحث وفي كثير من العلوم ، خال عن الوجه ويكون بلا ملزم.
(الأمر الثّالث : نسبة موضوع العلوم إلى موضوعات مسائلها)
المشهور المتسالم عليه ، هو أنّ نسبة موضوع العلوم إلى موضوعات المسائل ، كنسبة الطّبيعي إلى أفراده ، والكلّي إلى جزئيّاته. (١)
وفيه : منع واضح ؛ إذ في بعض العلوم ، تكون النّسبة بين موضوعه وموضوع مسائله من قبيل نسبة الكلّ إلى أجزائه ، كعلمي الجغرافيا والتّاريخ وأكثر مسائل الهيئة ؛ حيث إنّه قد عرفت : أنّ مسائل هذه العلوم قضايا جزئيّة ، فالموضوع لها ، لا يكون كلّيا ، بل هو الكلّ ، وموضوعات المسائل لا تكون جزئيّات له ، بل هي الأجزاء ، كما أنّ في بعض العلوم ، يكون موضوع العلم عين موضوع المسائل ، لا منطبقا عليه انطباق الكلّي على الفرد ، كعلم العرفان ، فإنّ موضوعه هو «الله تعالى» وموضوع مسائله ـ أيضا ـ هو الله تعالى ، فليس في البين كلّي وجزئيّ ، ولا كلّ ولا جزء ، بل اتّحاد وعينيّة.
__________________
(١) راجع ، تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٢.