بالصّلاة ، فاقدة لبعض الأجزاء في الوقت ، وبالصّلاة تامّة في خارجه ، وهذا خلاف ظاهر الأدلّة ، كما عرفت.
وفيه : أنّ التّقريب المذكور إنّما يتمّ ، لو كان الإجزاء بملاك وفاء النّاقص بجميع مصلحة الكامل ؛ إذ لا مجال للقضاء بعد فرض حصول الملاك بأسره بإتيان النّاقص الميسور أو بإتيان باقي الأجزاء ، وأنت ترى ، أنّ هذا خلاف ظاهر قاعدة الميسور ؛ حيث إنّ ظاهرها ، هو أنّ الميسور أقلّ ملاكا ومصلحة من المعسور ، وكذلك أدلّة الأجزاء الباقية ، حيث إنّها ظاهرة في أنّ الإتيان بباقي الأجزاء أقلّ ملاكا من التّمام المضطرّ إلى تركه ، كما أنّ ظاهر قاعدة : «ما لا يدرك كلّه ، لا يترك كلّه» أيضا كذلك.
على أنّ ظاهر أدلّة الأجزاء والشّرائط هو دخل كلّ جزء منها في الملاك والمصلحة ، بحيث لو ترك واحد منها لما يتأتّى حصول تلك المصلحة التّامّة ، وعليه ، فلو كان دليل الميسور ظاهرا في وفاء النّاقص الفاقدة بكلّ الملاك ، لكان معارضا لأدلّة الأجزاء.
فتحصّل : أنّه لم يكن النّاقص المأتي به في الوقت مجزيا عن التّام في خارجه بملاك الوفاء ؛ لكونه خلاف ظاهر القاعدة ومقتضى أدلّة الأجزاء والشّرائط ، فيدور الأمر بين عدم الإجزاء ، وبين الإجزاء بملاك المضادّة ، وعدم إمكان الاستيفاء.
ومن المعلوم : أنّ التّكليف بالنّاقص في الوقت لا يستلزم الإجزاء عن التّام في خارجه ، حتّى يكون ذلك التّكليف والأمر بالنّاقص أمرا بتفويت مصلحة التّام ويكون الإجزاء حينئذ بملاك التّفويت وعدم إمكان الاستيفاء ؛ إذ يجوز أن يكون التّكليف بالنّاقص في الوقت ؛ لأجل تحصيل مصلحة الوقت ومقدار من مصلحة العمل التّام بنحو يستلزم حصول ذلك المقدار منها التّرخيص بتفويت الباقي منها ،