وسرّ ذلك كلّه ، هو الوفاء بمصلحة الوضوء بتمامها حسب ظهور الدّليل.
هذا ، ولكن أورد على الرّواية بمنع دلالتها على ظهور التّيمّم في الوفاء بتمام مصلحة الوضوء بعين التّقريب الّذي مرّ في الآية ، بلا فرق بينهما ، إلّا أنّ المنع في الآية ـ لأجل اشتمالها لحكمي الوضوء والتّيمّم ـ ناش عن كون ظهور الصّدر في الانحصار قرينة على رفع اليد من ظهور الذّيل في الوفاء بتمام المصلحة ، ولكنّ المنع في الرّواية ـ لأجل انفصال دليل الوضوء عن الرّواية ـ ناش عن تعارض ظهور دليل التّيمّم في الوفاء بتمام المصلحة مع ظهور دليل الوضوء في الانحصار ، ومع هذه المعارضة لا يبقى للظّهور المذكور مجال.
وقد اجيب عن المعارضة ، بأنّها ترتفع بالإرشاد والحكومة. (١)
توضيحه : أنّه لا بدّ في رفع التّعارض من التّصرف ، إمّا في دليل الوضوء بحمل الأمر في قوله تعالى : «فاغسلوا» على الإرشاد إلى أحد مصاديق الطّهارة ، بأن يكون المصلحة الشّرطيّة قائمة بالجامع ، وإمّا في دليل التّيمّم ، بكونه ظاهرا في جعل التّيمّم وافيا ببعض مصلحة الوضوء ، لا بتمامها ، وبما أنّ مفاد دليل التّيمّم هو جعل البدل وأنّه ناظر إلى دليل الوضوء وحاكم عليه ، يتعيّن التّصرّف في ناحية دليل الوضوء بحمل الأمر على الإرشاد ، فيتفرّع عليه الامور الثّلاثة المتقدّمة.
وفيه : أوّلا : أنّ ثبوت الحكومة لدليل التّيمّم لا يستلزم كون التّيمّم وافيا بتمام مصلحة الوضوء ، بل غاية ما يستفاد منه هو أنّه واف بمقدار من المصلحة.
وثانيا : أنّ ثبوتها محلّ منع ؛ إذ ليس لسان دليل التّيمّم لسان جعل البدل و
__________________
(١) راجع ، كتاب بدائع الأفكار : ج ١ ، ص ٢٨٤.