نعم ، يصحّ نسبة الطّبيعي إلى أفراده في مثل العلوم العقليّة وما بحكمها من العلوم الاعتباريّة ، كالفقه واصوله ، وذلك ؛ لأنّ القضايا في تلك العلوم ، إمّا حقيقيّة ، أو كالحقيقيّة ، فإذا تلاحظ النّسبة بين موضوعاتها وموضوعات مسائلها على نحو ما ذكره المشهور ، كما لا يخفى.
فتحصّل : أنّه إذا لوحظ موضوع العلم مع موضوعات مسائله ، فلا يخلو من أحد الوجوه الثّلاثة :
الأوّل : اتّحاده معها ، كما في علم العرفان.
الثّاني : اختلافهما مع كون النّسبة بينهما من قبيل نسبة الكلّي إلى جزئيّاته ، كما في العلوم العقليّة ، أو الاعتباريّة من الفقه واصوله.
الثّالث : اختلافهما ـ أيضا ـ مع كون النّسبة بينهما من قبيل نسبة الكلّ إلى أجزاءه ، كما في علم الجغرافيا والتّاريخ وأكثر مسائل الهيئة.
ومن هنا ظهر : أنّ ما ذهب إليه المشهور ، من أنّ نسبة موضوع العلوم إلى موضوعات المسائل ، نسبة الكلّي إلى أفراده ، ليس بتامّ.
(الأمر الرّابع : اعتباريّة وحدة العلوم)
اعلم : أنّ العلوم المدوّنة ، لها وحدة قطعا ، إلّا أنّ هذه الوحدة ليست حقيقيّة ، بل اعتباريّة محضة ؛ إذ الوحدة الحقيقيّة مساوقة للوجود الحقيقي ، وهو إمّا بسيط ، أو مركّب ؛ والمركّب ، إمّا يحصل من مادّة وصورة ، وجنس وفصل ، أو يحصل من ماهيّة ووجود.