رفع الاضطرار إذا شكّ في بقاء التّكليف على عهدته يكون مرجع هذا الشّكّ إلى الشّكّ في حدوث تكليف جديد ، فتجري فيه البراءة.
هذا تمام الكلام في المسألة الثّانية (إجزاء الأمر الاضطراري عن الاختياري).
وأمّا المسألة الثّالثة (إجزاء الأمر الظّاهري عن الواقعي).
فقد وقع الكلام بين الأعلام في أنّه لو أتى المكلّف بما قام به الدّليل من الأمارة ، أو الأصل ، ثمّ انكشف الخلاف ، وظهر أنّ ما تعلّق به التّكليف واقعا مغاير لما أتى به ، هل يجزى ذلك عن الإعادة ثانيا ، أداء وقضاء ، أم لا؟
لا بدّ قبل التّحقيق في المسألة من تحرير محلّ النّزاع فيها.
فاعلم : أنّه لا نزاع في أنّه لو قام الدّليل من الأمارة أو الأصل على تعلّق أمر بطبيعة فأتى بها المكلّف ، أو على تعلّقه بتركها ، فتركها المكلّف ، ثمّ بان تعلّقه بطبيعة اخرى ، أو بتركها غير تلك الطّبيعة ، لا يحكم فيه بالإجزاء ، إذ لا وجه لإجزاء امتثال أحد الأمرين المستقلّين عن الآخر ؛ كيف! وأنّ سقوط كلّ أمر ، متوقّف على تحقق متعلّق نفسه ؛ وذلك ، نظير قيام الأمارة أو الأصل على وجوب صلاة الجمعة ، فأتى بها المكلّف ثمّ انكشف له وجوب صلاة الظّهر ، أو قيام أحدهما على تركها ، فتركها المكلّف ثمّ بان له وجوبها ، فلا يلتزم أحد في مثل ذلك بالإجزاء وسقوط الأمر ؛ إذ سقوطه متوقّف على إيجاد متعلّق نفسه ، والمفروض خلافه ، وعليه ، فلا نزاع في مثل هذا المورد ، وإنّما النّزاع فيما إذا فرض أمر واقعيّ متعلّق بطبيعة ذات أجزاء وشرائط وموانع وقام الدّليل ـ أمارة كانت أو أصلا ـ إمّا على جزئيّة شيء أو شرطيّته أو