توضيحه : أنّ الوجوب كما ينقسم ببعض الاعتبارات إلى الوجوب النّفسي والطّريقي والغيري ، كذلك ينقسم باعتبار آخر إلى الوجوب الأصلي والتّبعي ، ولكلّ واحد منهما معنيان حسب مقام الثّبوت والإثبات.
أمّا مقام الثّبوت ، فيراد بالوجوب الأصلي ، الإرادة المستقلّة غير النّاشئة من إرادة اخرى ، وبالوجوب التّبعي ، الإرادة غير المستقلّة النّاشئة من إرادة اخرى.
وأمّا مقام الإثبات ، فيراد بالوجوب الأصلي ، الوجوب المستقلّ في الخطاب ، وبالوجوب التّبعي ، الوجوب غير المستقلّ فيه.
إذا عرفت هذا ، فاعلم : أنّ الوجوب الأصلي بكلا المعنيين خارج عن حريم النّزاع ؛ لقلّة إيجاب المقدّمة بخطاب مستقلّ في أبواب الأحكام جدّا ، ولا يدّعي القائل بوجوبها ، تعلّق الإرادة المستقلّة بها.
وأمّا الوجوب التّبعي بالمعنى الثّاني ، فهو ـ أيضا ـ خارج عن حريم النّزاع ؛ لعدم الجدوى فيه ، فينحصر النّزاع فيه بالمعنى الأوّل ، فيقال : هل إرادة ذي المقدّمة مستلزمة لارادة المقدّمة ، أم لا؟
(الأمر الثّاني : اشتراط مورد النّزاع بتحقّق الأمرين)
فنقول : إنّ النّزاع في وجوب المقدّمة إنّما يقع فيما إذا اعتبر فيه الأمران :
أحدهما : أن يتوقّف وجود ذي المقدّمة على وجود المقدّمة.
ثانيهما : أن يستقلّ كلّ منهما في الوجود.
ومن هنا يخرج عن مورد النّزاع موارد :