ومن المعلوم : أنّ هذا غير منطبق على العلوم المدوّنة ؛ إذ عرفت : أنّها ليست إلّا قضايا ومسائل كثيرة ، فهي كلّ ، ومركّب لا وجود له وراء تلك القضايا والمسائل ؛ غاية الأمر ، يعتبر لها الوحدة ، فتسمّى باسم واحد ، من كتاب أو رسالة ، أو غير ذلك.
وبعبارة اخرى : ليس العلم التّدويني موجودا واحدا حقيقيّا مركّبا من الأجزاء الخارجيّة الفلسفيّة ، كالمادّة والصّورة ، أو التّحليليّة المنطقيّة ، كالجنس والفصل ، أو من الأجزاء التّحليليّة التّعمليّة الفلسفيّة ، كالماهيّة والوجود ، بل إنّما هو موجود واحد اعتباريّ مركّب من الأجزاء الاعتباريّة ، كالقضايا والمسائل المتعدّدة.
(الأمر الخامس : مدار الوحدة والتّمايز في العلوم)
هنا أقوال ثلاثة :
الأوّل : أنّ مدار الوحدة والتّمايز في العلوم هو «الموضوع» وهذا ما ذهب إليه المشهور (١).
الثّاني : أنّ مدارهما هو «الغرض» وهذا ما ذهب إليه المحقّق الخراساني قدسسره. (٢)
الثّالث : أنّ مدارهما هو نفس القضايا والمسائل ، وهذا هو الحقّ.
بتقريب : أنّ وحدة العلوم إنّما هي بتسانخ القضايا المتشتّة وتناسب بعضها مع
__________________
(١) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ١ ، ص ٢٧.
(٢) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٥ وإليك نصّ كلامه : «وقد انقدح بما ذكرنا : أنّ تمايز العلوم إنّما هو باختلاف الأغراض ... لا الموضوعات ولا المحمولات».