بعض ، وهذا التّسانخ والتّناسب موجود في حاقّ ذات تلك القضايا وجوهرها ، فمسائل الفقه تكون متسانخة ، بعضها مع بعض ، وكذا الاصول والأدب والمنطق والفلسفة وغيرها من سائر العلوم ، وكذلك تمايز العلوم ، فإنّه ـ أيضا ـ باختلاف القضايا ، بعضها مع بعض ، وهذا الاختلاف والتّمايز ـ أيضا ـ موجود في نفس القضايا وحاقّ ذاتها ، بحيث تكون قضايا كلّ علم ، متميّزة بذاتها عن قضايا علم آخر.
ونتيجة ما ذكرنا : هو أنّه لا حاجة في إثبات الوحدة أو التّمايز إلى التّعليل بأمر خارج عن ذات مسائل العلوم ، بل تكفي ذاتها في حصول الوحدة والتّمايز في العلوم. هذا بالنّسبة إلى الحقّ المختار.
وأمّا كون المدار في الوحدة والتّمايز هو الموضوع ، كما ذهب إليه المشهور فضعفه واضح ؛ إذ العلوم لم يعتبر فيها الموضوع أصلا ، فضلا عن أن يجعل مدارا في وحدتها وتمايزها.
وأمّا مسلك المحقّق الخراساني قدسسره فهو ـ أيضا ـ ظاهر الضّعف ، وذلك ؛ لأنّ الغرض متأخّر رتبة عن المسائل ؛ إذ هو بمنزلة ثمرة العلم ، والمسائل بمنزلة شجرته ، فلا بدّ أن تكون العلوم متمايزة أو متسانخة في الرّتبة السّابقة على الأغراض ، حتّى يتحقّق تمايز الأغراض أو تسانخها ؛ ألا ترى ، أنّ الأثمار المتمايزة ، كالرّمان والتّفّاح وغيرهما ، إنّما تكون من الأشجار المتمايزة ، كما أنّ الأثمار المتسانخة تكون من الأشجار كذلك ؛ وعليه ، فالمدار في الوحدة والتّمايز هو خصوص نفس المسائل والقضايا ، فكلّ مسألة لعلم ، تغاير أو تسانخ مسألة علم آخر بذاتها.