الواضحات ، أنّ العقل بعد احراز صغرى المقدّميّة يحكم بكبرى لزوم الإتيان بها للوصول إلى ذيها ، فلا مجال إذا لحكم الشّرع مولويّا ، بل لو حكم وأمر بالمقدّمة في موضع ، لكان ذلك إرشادا إلى هذا الحكم العقليّ ، ونتيجة ذلك كلّه ، هو إثبات ما اخترناه ، من عدم تحقّق الملازمة شرعا ، وعدم وجوب المقدّمة بوجوب غيري مولويّ.
تتمّة : قد تنقسم المقدّمة ـ أيضا ـ إلى مقدّمة المستحب والحرام والمكروه.
فنقول : أمّا مقدّمة المستحب ، فالبحث فيها هو البحث في مقدّمة الواجب ، ومختارنا هنا ، بعينه هو ما اخترناه هناك.
وأمّا مقدّمة الحرام ، فالحقّ عدم الملازمة بين حرمة ذي المقدّمة وحرمتها ـ أيضا ـ نظير مقدّمة الواجب ، بلا فرق بين أنحاءها في الأفعال التوليديّة (١) والمباشريّة. (٢)
ولا فرق في هذا القسم ـ أيضا ـ بين أن يقصد بإتيانها التّوصّل إلى مقدّمة الحرام ، وبين أن لا يقصد.
والوجه فيما اخترناه من عدم الملازمة هنا ، هو ما مرّ في مقدّمة الواجب من عدم تماميّة الأدلّة الّتي اقيمت على الملازمة بين المقدّمة وبين ذيها.
__________________
(١) والمراد بها ، هي الّتي يقع ذو المقدّمة بعدها في الخارج قهرا بلا توسيط اختيار الفاعل وإرادته بينها وبين ذيها ؛ بحيث لو أتى بها لا يتمكّن من ترك ذي المقدّمة ، كالإلقاء في النّار بالنّسبة إلى الإحراق.
(٢) والمراد بها ، هي الّتي يتوسط الاختيار والإرادة بينها وبين ذيها ؛ بحيث يتمكّن الفاعل بعد إيجاد المقدّمات بأسرها من ترك ذي المقدّمة ، فلا يقع بعدها في الخارج قهرا وبلا اختيار.