المعتبر ، نظير باب الوصيّة ، فلو أنشأ الموصي تمليك عين معلّقا على موته ، تتحقّق الملكيّة بعد الوفاة ، وكذا باب الخيار ، فإذا قال البائع : «بعت داري بشرط أن يكون لي الخيار بعد مضيّ سنة» يتحقّق الخيار بعد السّنة ، وكذا باب التّدبير ، فلو قال المولى لعبده : «أنت حرّ بعد وفاتي» تتحقّق الحريّة بعد وفاته. (١)
ثمّ إنّ بعض الأعاظم قدسسره جعل المقام ، نظير باب العلم ، فقال ما هذا لفظه : «كما يمكن تأخّر المعلوم عن العلم زمانا ، كقيام زيد غدا ، أو سفره ، أو نحو ذلك ؛ حيث إنّ العلم به حاليّ والمعلوم أمر استقباليّ ، وكذلك يمكن تأخّر المعتبر عن الاعتبار ...
كاعتبار وجوب الصّوم على زيد غدا أو نحو ذلك». (٢)
ولكنه خال عن الدّقّة : حيث إنّه اختلط قدسسره بين المعلوم بالذّات ، والمعلوم بالعرض ، والّذي ينفكّ عن العلم ويتأخّر عنه ، إنّما هو المعلوم بالعرض وهو العين الخارجي ، وأمّا المعلوم بالذّات وهي صورة الأشياء المعلومة ، فهي موجودة في نفس العالم فعلا ، فلو قال شخص : «علمت موت زيد» لا شبهة في حصول صورة الموت في ذهنه وحضورها عند نفسه وإن لم يتّفق وقوعه خارجا. هذا كلّه في الدّعوى الاولى للقول الأوّل.
وأمّا الدّعوى الثّانية (لزوم رجوعه إلى نفس المادّة) فتوضيحها : أنّ العاقل إذا توجّه إلى شيء ، فتارة يطلبه ، واخرى لا يطلبه ، فلا كلام في فرض عدم الطّلب ، وأمّا فرض الطّلب فهو على قسمين :
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٥٤.
(٢) محاضرات في اصول الفقه : ج ٢ ، ص ٣٢٣.