بحثا عن نفس الموضوع ، وأنّ الحجيّة أو الحجّة موجودة أم لا؟ وقد قرّر في محلّه : أنّ البحث عن وجود الموضوع وأجزاءه وجزئيّاته ، المعبّر عنه ب «مفاد الهليّة البسيطة» أو «كان التّامّة» ، وهو ثبوت شيء ، إنّما هو من المبادي التّصديقيّة للعلم ، لا من مسائله ، كما أنّ تصوّر الموضوع وأجزائه وجزئيّاته من المبادي التّصوّريّة للعلم.
وثانيا : أنّ الموضوع في جملة من المباحث الاصوليّة ليس خصوص الأدلّة الأربعة ، كالبحث عن حجّيّة الظّهور مطلقا ، ولو كان لغير الأدلّة ، وعن حجّيّة خبر الثّقة مطلقا ، وعن الاوضاع ، والمعاني الحرفيّة ، والمفاهيم ، والحقائق والمجازات والمشتقّ ، وظهور صيغة الأمر ومادّته ، وصيغة النّهي ومادّته ، والمرّة والتّكرار ، والفور والتّراخي ، والعموم والخصوص ، والإطلاق والتّقييد.
فإنّ هذه البحوث ـ مع كونها هي العمدة في علم الاصول ـ بحوث كلّيّة عامّة لا اختصاص لها بالأدلّة الأربعة.
ثالثها : ما عن صاحب الفصول قدسسره من : أنّ موضوع علم الاصول هي ذوات الأدلّة بما هي ، لا بما أنّها أدلّة (١) ، فالموضوع هو نفس الكتاب ، لا الكتاب بما هو حجّة وهكذا السّنّة والإجماع والعقل.
وفيه : أنّه وإن كان سالما عن الإشكال الأوّل المتقدّم ، حيث إنّه لا يلزم منه خروج مباحث حجّيّة الأدلّة عن المسائل الاصوليّة ؛ إذ البحث عنها يكون بحثا عن عوارضها ، إلّا أنّ الإشكال الثّاني وارد عليه ، ولا دافع له.
ثمّ إنّه قد اورد على القولين الأخيرين (قول المشهور وقول صاحب الفصول)
__________________
(١) راجع ، الفصول الغرويّة : ص ٩.