ولا يخفى : أنّه إذا ثبت وقوعه في الخارج ، فلا ينبغي الإشكال في وجوب مقدّماته المفوّتة (١) ، ولزوم إتيانها قبل وقت الواجب أو وجوب حفظها والتّحفّظ عليها ـ على تقدير حصولها ـ مطلقا ، سواء قلنا : بثبوت الملازمة بين المقدّمة ، وبين ذيها شرعا ، أم لم نقل به ، فإنّه على فرض الثّبوت يحكم بلزوم إتيانها ووجوب حفظها لأجل وجوب ذي المقدّمة ، وعلى فرض عدم الثّبوت يحكم به ـ أيضا ـ بمقتضى حكم العقل ، فإنّه يستقلّ بذلك بعد الالتفات إلى وجوب ذي المقدّمة فعلا وإدراك توقّف إتيانه عليها وإحراز أنّه لو لم يأت بها فعلا ، لفاتت منه وقت امتثال ذي المقدّمة ولعجز عنها في ذلك الوقت ، فيفوت منه الواجب.
ولا فرق ـ بناء على حكم العقل ـ بين مثل مقدّمات الحجّ قبل الموسم ، كتحصيل الزّاد والرّاحلة ، ومقدّمات الصّوم قبل طلوع الفجر ، كالغسل في اللّيل ، وبين المقدّمات الأخر العامّة المفوّتة ، فالعقل يحكم بلزوم الإتيان في كلا الموردين.
هذا كلّه إذا علم المكلّف بعجزه من إتيان المقدّمات في وقت الواجب ، فيجب عليه حينئذ قبل وقته ، إلّا إذا كانت القدرة المعتبرة في الواجب من ناحية المقدّمة هي القدرة في ظرف العمل فقط ، لا مطلقا ، فلا تجب المقدّمات حينئذ قبل الوقت ، بل يجوز تفويتها اختيارا لو كانت حاصلة ، وكذلك يجوز تفويتها بعد الوقت ـ أيضا ـ كما دلّت رواية معتبرة على جواز (٢) إجناب الرّجل نفسه اختيارا من طريق المواقعة مع أهله
__________________
(١) والمراد بها هي المقدّمات الّتي لو لم يأت بها قبل الواجب لعجز عنها حين امتثاله ، فيفوت منه قهرا.
(٢) وسائل الشّيعة : ج ٤ ، كتاب النّكاح ، الباب ٥٠ من أبواب مقدّمات النّكاح وآدابه ، الحديث ١ ، ص ٧٦.