بعد دخول وقت الصّلاة مع العلم بالعجز عن تحصيل الطّهارة المائيّة بعده ، بخلاف الإجناب من طريق آخر ، كالنّوم ونحوه ، فلا يحكم بجوازه ؛ لعدم ورود النّص عليه.
وبالجملة : لا إشكال في وجوب المقدّمات المفوّتة ، بناء على إمكان الواجب المعلّق وثبوت الدّليل على وقوعه.
إنّما الاشكال في وجوبها بناء على امتناعه ، أو إمكانه وعدم الدّليل على وقوعه في الخارج ، فإنّه كيف يحكم بوجوبها مع عدم وجوب ذيها ، كتعلّم الصّبيان أحكام الصّلاة ونحوها من الأعمال العباديّة ، قبل البلوغ.
لا بدّ قبل الورود في حلّ هذا الإشكال من الإشارة إلى أمرين :
الأوّل : أنّ المعروف بين الأصحاب (١) هو أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، عقابا لا خطابا ، وكذا الإيجاب بالاختيار لا ينافيه كذلك ، وهذا في غاية المتانة ، كما إذا اضطرّ الإنسان إلى ارتكاب حرام بسوء اختياره ، فإنّ الخطاب والتّكليف وإن كان ساقطا للغويّته ـ نظرا إلى أنّ البعث يكون للانبعاث والزّجر للانزجار ، ولا مجال لهما بعد خروج الفعل عن الاختيار ـ إلّا أنّه لا يسقط العقاب ولا قبح فيه لانتهاء اضطراره إلى اختياره ، حيث إنّه سلب اختيار نفسه بالاختيار ، ومعه لا يحكم العقل بقبح عقابه ، كما لا يخفى.
هذا ، ولكن هنا قولان آخران :
أحدهما : ما عن أبي هاشم المعتزلي واختاره المحقّق القمي قدسسره (٢) من أنّ
__________________
(١) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ٢ ، ص ٣٥٧.
(٢) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ٢ ، ص ٣٥٨.