الأمر الثّالث : في آثار الوجوب النّفسي والغيري.
اعلم ، أنّ ما يترتّب على كلّ واحد من الواجب النّفسي والغيري أثران :
أحدهما : استحقاق العقوبة عند ترك الواجب النّفسي وعدم استحقاقها عند ترك الواجب الغيري حتّى فيما إذا استلزم تركه ترك ما يتوقّف عليه من الواجب النّفسي ؛ ضرورة ، أنّ العقوبة حينئذ إنّما هو على ترك الواجب النّفسي لا غير.
ثانيهما : ترتّب الثّواب على فعل الواجب النّفسي.
ولا يخفى : أنّ هذين الأثرين ممّا لا كلام فيهما بين الأصحاب ، إنّما الكلام في موردين :
الأوّل : أنّ الثّواب المترتّب على امتثال الواجب النّفسي ، هل هو من باب التّفضّل أو هو من باب الاستحقاق؟ قولان :
ذهب معظم الفقهاء والمتكلّمين إلى الثّاني (١) ؛
ولكن ذهب الشّيخ المفيد قدسسره وأتباعه إلى الأوّل (٢) وهذا هو الحقّ ؛ وذلك ، لأنّ العقل يستقلّ في الحكم بأنّه يجب على المكلّف أن يكون مطيعا لأوامر ربّه قضاء لحقّ العبوديّة ورعاية لشأن المولويّة بلا انتظار لأخذ الاجرة على ذلك ، بل لم يكن للعبد متاع غير ما أعطاه الله تعالى كي يستحقّ الاجرة عند عرض المتاع على الله تبارك وتعالى ، نظير باب الإجارة ، حيث إنّ الأجير إذا آجر نفسه لعمل كذا ، يستحقّ الاجرة عمن استأجره ، سواء كانت اجرة المسمّى أو المثل.
__________________
(١) راجع ، كتاب بدائع الأفكار : ج ١ ، ص ٣٧٤ ؛ ومحاضرات في اصول الفقه : ج ٢ ، ص ٣٩٥.
(٢) راجع ، كتاب بدائع الأفكار : ج ١ ، ص ٣٧٤ ؛ ومحاضرات في اصول الفقه : ج ٢ ، ص ٣٩٥.