ولقد أجاد الإمام الرّاحل قدسسره فيما أفاده في المقام ، حيث قال : «فالخطوط الاولى في السّير إلى غاية ـ مثلا ـ قد تكون موصلة ولو مع وسائط ، وقد لا تكون موصلة ، والواجب هو القسم الأوّل.
وأمّا ما ربّما يكرّر في كلماته من عدم اختياريّة الإرادة وكونها غير قابلة لتعلّق الأمر بها ، فقد عرفت خلافه آنفا ، كيف! والتّعبّديّات كلّها من هذا الباب ، وقد وقع القصد مورد الوجوب». (١)
ثانيهما : أنّه لو كان الواجب في المقدّمة هي الحصّة الموصلة منها ؛ للزم أن لا يسقط أمرها إلّا إذا ترتّب الواجب عليها مع ضرورة سقوطه إذا أتى بها المكلّف بلا إتيان ذيها ، وليس هذا السّقوط لأجل العصيان أو فقد الموضوع ، أو حصول الغرض ، كما هو واضح ، بل إنّما هو لأجل موافقة الخطاب ، وأنت تعلم ، أنّ هذا يكون كاشفا عن عدم اعتبار الحصّة الموصلة في متعلّق الوجوب الغيري.
وفيه : أنّ هذه مصادرة واضحة ؛ إذ سقوط الأمر بمجرّد إتيان المقدّمة بلا انتظار ترتّب ذيها عليها ، أوّل الكلام ، فإنّ القائل بالوجوب على تقدير التّرتّب لا يقول بالسّقوط ، إلّا إذا حصل التّرتّب ؛ إذ المفروض ، أنّ الأمر المقدّمي عنده لا يتعلّق إلّا بالمقدّمة الموصلة.
ثمّ إنّ المحقّق النّائينى قدسسره قد أورد على القول الثّالث : بأنّ مقتضاه هو لزوم الدّور أو التّسلسل.
أمّا الدّور ، ففيه تقريبان :
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٢٠٧. وفيه : «وقعت القصد» ولعلّه سهو أو غلط في الطبع.