المقدّمة ولو لم تكن موصلة.
الأمر الخامس : في بيان ثمرة النّزاع.
واعلم ، أنّ للمسألة عدّة ثمرات تظهر في موارد ، ونحن نكتفي بذكر موردين منها :
أحدهما : ما يتعلّق بالنّزاع في أنّ الواجب ، هل هو المقدّمة الموصلة ، أم مطلق المقدّمة؟ فقد تظهر الثّمرة هنا فيما إذا وقع ترك عبادة مقدّمة للواجب الأهمّ ، كما في فرض كون ترك الصّلاة مقدّمة لإزالة النّجاسة عن المسجد ، فإنّه بناء على القول بوجوب مطلق المقدّمة يحكم ببطلان الصّلاة ؛ إذ المفروض ، أنّ تركها واجب غيريّ ، ومقتضى وجوب التّرك والأمر به حرمة الفعل والنّهى عنه ـ بناء على أنّ الأمر بالشّيء يقتضي النّهي عن ضدّه العامّ ـ وقد ثبت في محلّه ، أنّ النّهي في العبادة ولو غيريّا يقتضي الفساد.
وأمّا بناء على القول بوجوب خصوص المقدّمة الموصلة ، فيحكم بصحّة الصّلاة ؛ إذ الواجب حينئذ ليس مطلق التّرك ، بل هو التّرك الخاصّ الموصل إلى الإزالة ، ومن المعلوم ؛ أنّ نقيضه ليس فعل الضدّ حتّى يحرم فيبطل ، بل النّقيض هو ترك التّرك الموصل ؛ إذ نقيض كلّ شيء رفعه ؛ نعم ، هذا النّقيض قد يقارن في الخارج فعل الضدّ ، كالصّلاة ، وقد يقارن مجرّد التّرك بلا إتيان فعل ، وواضح ، أنّ حرمة شيء لا يستلزم حرمة لازمه فضلا عن مقارنه ، ونتيجة ذلك ، عدم تعلّق النّهي بالصّلاة المقارنة في الخارج ، لترك التّرك الموصل إلى الإزالة ، فلا يحكم ببطلانها.
هذا ، ولكن أورد الشّيخ الأنصاري قدسسره على هذه الثّمرة وحكم بأنّ الصّلاة في المثال المتقدّم ، إمّا تكون صحيحة ، أو باطلة ، بلا فرق بين القولين.