وقياس الوضع في الألفاظ بمورد الماء والبرودة ، أو النّار والحرارة ، قياس مع الفارق ؛ ضرورة ، أنّ العلقة في المقيس إليه ذاتيّة نشأت من علّيّة أحدهما للآخر ، فالماء علّة للبرودة ، والنّار علّة للحرارة ، وهذا بخلاف اللّفظ والمعني ، حيث لا علّيّة بينهما بوجه.
وبالجملة : العلقة الذّاتيّة لا تكون إلّا في موارد العلّيّة والمعلوليّة أو المعلوليّة لعلّة ثالثة ، وليست من الامور الجزافيّة ، كما لا يخفى.
أمّا البرهان ، فلقيامه على استحالة أمرين :
أحدهما : التّركيب في البسيط المحض.
ثانيهما : التّرجيح بلا مرجّح ، مع أنّ المناسبة الذّاتيّة بين اللّفظ والمعنى تقتضي كلا الأمرين.
تقريب ذلك : أنّه لا ريب في إطلاق الألفاظ الكثيرة واللّغات المختلفة ـ حسب اختلاف الألسنة ـ على الله تبارك وتعالى ، مع أنّه ـ تعالى ـ بسيط محض خال عن التّركيب بالمرّة ـ من المادّة والصّورة ، أو الجنس والفصل ، أو الوجود والماهيّة ـ ومن المعلوم ، أنّه لو كان الرّبط الطّبيعي والعلقة الذّاتيّة بين جميع هذه اللّغات والألفاظ ، وبينه تبارك وتعالى ، لزم التّركيب في ذاته المقدّسة ، وخروجه عن الصّرافة والبساطة ، تعالى الله عن ذلك ؛ إذ مقتضى ذلك الرّبط ، لزوم تحقق الجهات المختلفة في ذاته المقدّسة.
ولو قيل : بوجود الرّبط بين بعض هذه الألفاظ ، أكثر من لفظ واحد ، وبينه تعالى ، لزم ـ أيضا ـ محذور التّركيب ، مضافا إلى محذوري التّرجيح بلا مرجّح ، ونقض قاعدة المناسبة الذّاتيّة ، كما أنّه لو قيل : بالرّبط الذّاتي بين واحدة من تلك الألفاظ وبينه