نعم ، قوانين التّكوين ونظاماته دائمة باقية ، كقانون العلّيّة والمعلوليّة.
فتحصّل : أنّه ليس منشأ دلالة الألفاظ على المعاني هي المناسبة الذّاتيّة ، بل هو منحصر بالوضع ، كما هو المختار.
(المقام الثّاني : أنّ الواضع من هو؟)
قد نسب إلى عدّة من الأشاعرة (١) : أنّ الواضع هو الله تعالى ، واختاره المحقّق النّائيني قدسسره (٢) ، فقال في تقريره ما يرجع إلى امور :
الأوّل : أنّ البشر ليس في وسعه الوضع ؛ لعدم إمكان إحاطته بتمام ألفاظ لغة واحدة ، فضلا عن جميع اللّغات ، والمحيط هو الله تعالى فقط ، فدعوى أنّ مثل «يعرب بن قحطان» أو غيره هو الواضع ، ممّا لا سبيل إليه.
الثّاني : أنّه لو كان وضع الألفاظ لمعانيها من شخص أو أشخاص ، لاشتهر وبان ، ولكانت التّواريخ المعدّة لضبط الأخبار والحوادث المهمّة السّالفة ، تضبطه حيث يدور عليه التّفهيم والتّفهّم ، وتحوم حوله الإفادة والاستفادة.
ومن المعلوم : أنّه لا عين ولا أثر في التّاريخ من زمن حدوث الوضع ، ومن الواضع للألفاظ أو الواضعين لها ، فليس الواضع إلّا الله تبارك وتعالى.
الثّالث : أنّ جعل هذه الألفاظ بإزاء المعاني من الله تعالى ، ليس جعلا تشريعيّا
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٧.
(٢) أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ١١.