نعم ، الدّلالة الطّبعيّة والعقليّة أمران تكوينيّان ، لكنّهما خارجان عن دائرة الوضع والجعل الاعتباري.
وثانيا : أنّ الالتزام بأنّ الوضع أمر واقعيّ ، ومع ذلك ، ليس من إحدى المقولات العرضيّة ، لا يرجع إلى محصّل ؛ إذ ليس في البين أمر واقعيّ خارج عن دائرة الجوهر والعرض ، فحيث إنّه لم يمكن جوهرا ، كما هو الواضح ، فلا مناص من كونه داخلا في العرض.
فتحصّل : أنّ مقتضي التّحقيق هو أنّ الوضع أمر اعتباريّ ، يعتبره العقلاء ، فيبقى ببقاء الاعتبار ، لا أنّه اعتبار محض قائم بنفس المعتبر حتّى ينعدم بموته ، ولا أنّه أمر خارجي تكوينيّ من قبيل الجواهر أو الأعراض.
(المقام الرّابع : تقسيم الوضع)
إنّ للوضع تقسيمات :
الأوّل : تقسيمه إلى تخصيصيّ (تعيينيّ) ، وتخصّصي (تعيّني).
وقد أشكل عليه الإمام الرّاحل قدسسره بقوله : «أنّ الوضع هو جعل اللّفظ للمعنى وتعيينه للدّلالة عليه ، وهذا لا ينقسم إلى قسمين ؛ لأنّ التّعينيّ لا يكون وضعا وجعلا». (١)
وعلى هذا ، إنّما يصحّ التّقسيم ؛ بناء على كون الوضع هو الاختصاص ، والارتباط الخاصّ بين اللّفظ والمعنى.
__________________
(١) مناهج الوصول : ج ١ ، ص ٥٧.