ولكن اجيب عنه بوجوه :
أحدها : أنّ جزئيّة المفهوم الواقع في الذّهن ممنوع ، بحيلة تجريده من الوجود ، الموجب للجزئيّة والتّشخّص وتخليته عنه ، أو بالغفلة عن اللّحاظ ووجود الملحوظ في النّفس ، بحيث يرى شيء واحد في عالم النّفس والذّهن ، شيئين ، ولا مشاحّة في أن يعبّر عنه بالأحول العقليّ الذّهني ، كالأحول العينيّ الخارجي الّذي يرى شيئا واحدا في الخارج ، شيئين.
وفيه : أنّ مثل هذه الحيلة أو الغفلة لا يوجب انقلاب الواقع عمّا هو عليه ، مع أنّ التّجريد والتّخلية وإن كانا تجريدا وتخلية بالحمل الأوّليّ ، لكنّهما تخليط وتحلية بالحمل الشّائع الصّناعيّ ، فحذف الوجود وخلع لباسه عمّا في النّفس وصل ولبس له واقعا ، فالملحوظ الجزئي لا يصير بما ذكر من الحيلة كلّيا واقعا ، فتأمّل.
ثانيها : أنّ المراد من الملحوظ المتصوّر حال الوضع هو الملحوظ بالعرض ، وهو الطّبيعيّ العامّ ، لا الملحوظ بالذّات ، وهو الموجود في النّفس ، المتلبّس بلباس الوجود ؛ ضرورة ، أنّ اللّفظ لم يوضع له في عموم الوضع والموضوع له ، ولا في خصوصهما ، ولا لمصاديقه في خصوص الموضوع له ، لعدم المصداق له ، والملحوظيّة بالعرض تكفي للوضع وصيرورته عامّا أو خاصّا ، فالصّورة الملحوظة بالذّات في خصوص الوضع ، والماهيّة الملحوظة كذلك في عمومه ، وسيلة للحاظ الخاصّ والعامّ. (١)
على أنّه منقوض بالقضايا الّتي يحمل فيها الكلّي على الفرد ، مثل : «زيد إنسان»
__________________
(١) راجع ، مناهج الوصول : ج ١ ، ص ٦٤.