إذ مفهوم الإنسان الكلّي لو لم يتصوّر ، فلا معنى لحمله على زيد ، ولو تصوّر لصار جزئيّا ، فما يقال : في دفع الإشكال هناك ، يقال : فى دفعه هنا ، أيضا. (١)
وفيه : أنّه لا يمكن أن تصير الصّورة الملحوظة بالذّات ـ مع أنّه عرض ، كيف نفسانيّ وعلم ـ وسيلة للحاظ الكلّيّ والطّبيعيّ ، وكذا الماهيّة الملحوظة بالعرض ، إلّا أن يقال : إنّ الصّورة الملحوظة بالذّات ليست من المقولة ، بل هو وجود لا جوهر ولا عرض.
ولكن فيه ـ أيضا ـ أنّ الوجود كيف يصير وسيلة للحاظ الماهيّة والطّبيعة ، فتأمّل.
ثالثها وهو المختار : أنّ الماهيّة والطّبيعة متّحدة مع ما في النّفس اتّحاد الكلّي مع فرده والطّبيعيّ مع مصداقه ، كما أنّها متّحدة مع ما في الخارج والعين كذلك ، فالطّبيعيّ لا تحقّق له إلّا بتحقّق الفرد عينا وخارجا ، أو نفسا وذهنا ، وعليه ، فالعام والكلّي متصوّر بتصوّر ما في النّفس من الجزئي ، وملحوظ بملحوظيّة ما فيها ، بل ما في النّفس ، كالإنسان ـ مثلا ـ إنسان وطبيعي بالحمل الأوّلي ، ليس من حيث هو إلّا هو ، لا موجود ولا معدوم ، لا مجهول ولا معلوم ، لا ملحوظ ولا لا ملحوظ وإن كان موجودا معلوما ملحوظا ، بل علما بالحمل الشّائع الصّناعي ، كما يقال : إنّ المعدوم المطلق معدوم مطلق بالحمل الأوّلي ، وموجود ، علم بالحمل الشّائع ، وشريك الباري شريك الباري بالحمل الأوّلي ، وممكن ، مخلوق بالحمل الشّائع ، والعدم أو اللّاشيء عدم ولا شيء بالحمل الأوّلي ، ووجود وشيء بالحمل الشّائع ، وهكذا.
__________________
(١) راجع ، جواهر الاصول : ج ١ ، ص ١٠٥.