والنّتيجة : أنّ باختلاف الحمل ، كما يجاب عن شبهة المعدوم المطلق وعويصته الّتي صيّرت العقول حيارى والأفهام صرعى ، فاختار كلّ مهربا ومفرّا ، كذلك يجاب به عن التّوهّم المذكور في المقام.
ولك أن تقول : ما في النّفس من الجزئي هو بشرط شيء ، وهذا ليس بموضوع له في الوضع العامّ والموضوع له كذلك ، بل الموضوع له هو اللّابشرط المتّحد مع بشرط شيء ، واللّابشرط وإن لم يكن موجودا في وعاء من الأوعية بنفسه وبحياله ، لكنّه موجود في الخارج أو الذّهن بوجود بشرط شيء.
أمّا القسم الثّالث : (الوضع العام والموضوع له الخاص) فالمنسوب إلى المشهور إمكانه ، بل وقوعه ـ على ما سيجيء ـ فيتصوّر الواضع معنى كليّا عامّا ويضع اللّفظ بإزاء أفراده ومصاديقه ، وهذا هو الحقّ.
لا يقال : إنّه لا بدّ في الوضع من معرفة الموضوع له ، مع أنّ الأفراد لم تعرف في الفرض ، بل المعروف والمتصوّر ، هو الجامع بينها والكلّي المنطبق عليها.
لأنّه يقال : إنّ تصوّر العامّ ، تصوّر لأفراده في الجملة ، نظرا إلى أنّ الكلّي والعامّ وجه لأفراده ، فمعرفته وتصوّره معرفة لأفراده وتصوّر لها بوجه ، وواضح ، أنّ المعرفة الإجماليّة وبالوجه كافية في مقام الوضع.
ولقد أجاد المحقّق الخراساني قدسسره فيما أفاده في المقام حيث قال : «لأنّ العامّ يصلح لأن يكون آلة للحاظ أفراده ومصاديقه بما هو كذلك ، فإنّه من وجوهها ، ومعرفة وجه الشّيء معرفته بوجه». (١)
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٠.