أحدهما : عدم إمكانه. (١)
ثانيهما : إمكانه. (٢)
والحقّ هو الأوّل ؛ وذلك ، لأنّ معنى هذا القسم هو أن يتصوّر الواضع معنى خاصّا حين الوضع ، ويضع اللّفظ لكلّيّه العامّ الجامع ، وهذا مستحيل ؛ إذ تصوّر الخاصّ ومعرفته بما هو خاصّ ، لا يكون تصوّرا للعامّ ، لا تفصيلا وبنفسه ، كما هو واضح ، ولا إجمالا وبوجهه ؛ لأنّ الخاصّ لا يكون وجها وعنوانا للعامّ بوجه ، على أنّ الخاصّ لو كان وجها وعنوانا للعامّ لزم ، أن يكون وجها لخاصّ آخر ، بل لكلّ خاصّ ـ أيضا ـ وذلك ، لأنّ العامّ ـ على ما عرفت آنفا ـ يكون وجها للخاصّ ، وواضح أنّ ما هو وجه لوجه شيء ، وجه لذلك الشّيء ـ أيضا ـ وهذا ، كما ترى ، بديهيّ البطلان ، فهل يعقل أن يكون «زيد» مثلا وجها وعنوانا لعمرو!؟
نعم ، في تصوّر الخاصّ تفصيلا تصوّر العامّ ـ أيضا ـ بنفسه ، بمعنى : أنّ تصوّر العامّ يكون سببا لتصوّر الخاصّ ؛ وذلك ، لأنّ الخاصّ والجزئيّ هو نفس العامّ والكلّيّ مع خصوصيّته الفرديّة ، فيكون العام حينئذ جزءا منه ؛ والخاصّ كلّا له.
ومن المعلوم : أنّ تصوّر الجزء مقدّمة لتصوّر الكلّ ويكون منشأ له ، ولعلّ هذا هو مراد المحقّق الخراساني قدسسره من قوله : «ربما يوجب تصوّره تصوّر العام بنفسه ، فيوضع له اللّفظ» (٣) فمعنى هذه العبارة : هو أنّ تصوّر العامّ يصير واجبا حين تصوّر
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٣ ؛ وفوائد الاصول : ج ١ ، ص ٣١ ؛ ونهاية الأفكار : ج ١ ، ص ٣٧ ؛ وكتاب بدائع الأفكار : ص ٣٩.
(٢) درر الفوائد : ج ١ ، ص ٣٦ ، حيث قال : «يمكن أن يتصوّر هذا القسم».
(٣) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٠.