القول بالجواز عقلا والامتناع عرفا. (١)
والوجه في منعه هو أنّ الأنظار العرفيّة ممّا لا يرجع إليها إلّا في أصل تشخيص المفاهيم اللّفظية وتعيينها من جهة الضّيق والسّعة ، وواضح ، أنّ النّزاع في المقام يكون في الجواز والامتناع ، وهذا ليس من مقولة تشخيص المفهوم وتعيين حدود المعنى ؛ وذلك ، لرجوعه إلى مسألة السّراية وعدمها ، وإلى اتّحاد المجمع وجودا وتعدّده ، أو إلى غير ذلك ممّا هو الأجنبيّ عن مقولة اللّفظ والمعنى.
هذا ، ولكن تصدّى المحقّق الخراساني قدسسره لتوجيه هذا القول بقوله : «الامتناع عرفا ليس بمعنى دلالة اللّفظ ، بل بدعوى ، أنّ الواحد بالنّظر الدّقيق العقلي اثنان ، وأنّه بالنّظر المسامحي العرفي واحد ذو وجهين ، وإلّا فلا يكون معنى محصّلا للامتناع العرفي ، غاية الأمر : دعوى دلالة اللّفظ على عدم الوقوع بعد اختيار جواز الاجتماع ، فتدبّر جيّدا». (٢)
وفيه : أنّ الجواز والامتناع إنّما يدوران مدار السّراية وعدمها وهما ـ أيضا ـ يدوران مدار وحدة المجمع وتعدّده حقيقة ، وعليه ، فلا شأن للنّظر المسامحي العرفي في ذلك أصلا.
وقد يوجّه هذا القول ـ أيضا ـ بأنّ المتفاهم العرفيّ من مثل «صلّ» بعد ملاحظة مثل «لا تغصب» هو وجوب حصّة خاصّة من الصّلاة وهي الصّلاة غير الواقعة في الغصب ، وأمّا الحصّة الواقعة فيه ، فلا تكون مصداقا للصّلاة المأمور بها ، بل
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان : ج ٢ ، ص ١١٢.
(٢) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٣٧ و ٢٣٨.