نعم ، بين الأمر التّخييريّ ، والنّهي كذلك ، فرق واضح ؛ حيث إنّ مرجع التّخيير في النّهي إلى النّهي عن الجمع بين الشّيئين ، فيحرم ارتكابهما معا ، بخلاف ارتكاب أحدهما وحده فلا مانع منه ، وأمّا التّخيير في الأمر ، فمرجعه إلى إيجاب الجامع المقتضي لكفاية إتيان واحد منهما في حصول الامتثال وبراءة ذمّته ، فلا يجب إتيانهما معا.
ولكن ، هذا الفرق لا يوجب خروجهما عن محلّ النّزاع ، كما أفاده المحقّق الأصفهاني قدسسره ونعم ما أفاد. (١)
ومن هنا ظهر ، أنّ ما أفاده بعض الأعاظم قدسسره من عدم شمول النّزاع لمثل هذا الأمر والنّهي ، بدعوى : أنّه لا تنافي بين إيجاب الجامع بين شيئين وحرمة الجمع بينهما ، حتّى بالنّظر إلى الامتثال ؛ إذ المفروض ، أنّ المكلّف قادر على امتثال كلا التّكليفين ، لأنّه إذا أتى بأحدهما وترك الآخر ـ كما إذا صلّى في الدّار بلا مجالسة الأغيار ـ فامتثل كليهما بحيث يصدق أنّه أتى بالجامع وترك الجمع (٢).
خال عن السّداد ؛ ضرورة ، أنّ الفرض المذكور خارج عمّا فرض في النّزاع من اجتماع الإيجاب والتّحريم في واحد ، أو تعلّقهما بعنوانين متصادقين على واحد ، حيث إنّه لو صلّى في الدّار بلا مجالسة الأغيار لم يخالف النّهي التّخييريّ حتّى يلزم الاجتماع ، فلا اجتماع هنا حينئذ أصلا ، كما لا يخفى.
فتحصّل : أنّ النّزاع يعمّ جميع الأنواع حتّى الإيجاب والتّحريم التّخييريين ،
__________________
(١) راجع ، نهاية الدّراية : ج ٢ ، ص ٨٦.
(٢) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ٤ ، ص ١٨٨.