هنا هو العقل لا غير ، والأساس هي السّراية وعدمها ، وأنّه هل يجدي تعدّد الوجه أو لا يجدى؟ وهذا كلّه لا يتوقّف على إحراز المناطين وعدمه.
وبالجملة : فالمسألة هنا اصوليّة عقليّة ، وأمّا مسألة التّعارض ، فحيث إنّ الموضوع فيها هو الخبران المتعارضان المختلفان تكون مسألة عرفيّة من جهة تشخيص الاختلاف وعدمه ومن ناحية طرق الجمع.
ونتيجة ذلك كلّه ، هو أنّ التّعارض وعدمه لا يدور مدار إحراز المناطين وعدمه ، كما التزم به المحقّق الخراساني قدسسره ألا ترى ، أنّ مثل فمثل «صلّ» و «لا تغصب» غير متعارضين عرفا ولو لم يحرز المناطان ، بخلاف قولنا : «أكرم كلّ عالم» و «لا تكرم الفسّاق» فإنّهما متعارضان عرفا ولو احرز المناطان.
ولك أن تقول : إنّ التّعارض هو التّنافي والتّكاذب في مقام الإثبات وهو المطاردة والممانعة في موقف الجعل والتّشريع على وجه المناقضة ، أو المضادّة.
ومن المعلوم : انتفاء ذلك كلّه في باب اجتماع الأمر والنّهي.
الأمر الحادي عشر : أنّه لا خلاف ولا كلام في عدم جريان النّزاع في الأمر والنّهي المتعلّقين بعنوانين متباينين غير متصادقين على شيء واحد ، ولا في المتعلّقين بعنوانين متساويين ، ولا في الأعمّ والأخصّ المطلقين ، وإنّما يجري النّزاع في العامّين من وجه ، كالصّلاة والغصب مطلقا ، سواء كانت نسبة العموم من وجه بين نفس الفعلين ، أم كانت بين الموضوعين ، وسواء كانت النّسبة بين العناوين المتولّدة من الفعل الصّادر عن المكلّف ، أم لم تكن كذلك ، وسواء كان التّركيب بين الفعلين انضماميّا ، أم كان اتّحاديّا.