هذا ، ولكن قد فصّل المحقّق النّائيني قدسسره في تلك الموارد الثّلاثة :
أمّا المورد الأوّل ، فقال ما حاصله : إنّ جريان النّزاع في العامّين من وجه متوقّف على أن تكون النّسبة واقعة بين الفعلين والمتعلّقين للأمر والنّهي ، كالصّلاة والغصب ؛ وذلك ، لكون التّركيب بينهما انضماميّا ، ومقتضى ذلك هو التّزاحم والدّخول في باب الاجتماع.
وأمّا إذا كانت واقعة بين الموضوعين ، كقولنا : «أكرم العالم» و «لا تكرم الفاسق» فهي خارجة عن حريم النّزاع وداخلة في باب التّعارض ، لكون التّركيب بينهما اتّحاديّا ، ومقتضى ذلك هو التّعارض لتعلّق الأمر بعين ما تعلّق به النّهي. (١)
أمّا المورد الثّاني : فمحصّل كلامه ، أنّه لو كان للفعل عنوانان توليديّان وكانت النّسبة بينهما عموما من وجه ـ نظير ما إذا قال : «أكرم العالم ، ولا تكرم الفاسق» فقام لهما تكريما بالنّسبة إليهما ، فيتولّد من هذا القيام تكريمان ـ فهو خارج عن حريم النّزاع ؛ ضرورة ، أنّ التّركيب هنا وإن كان انضماميّا ، إلّا أنّ الأمر والنّهي قد تعلّقا بشيء واحد وهو القيام ، ولا ريب : أنّه من جهة كونه إكراما للعالم مأمور به ، ومن جهة كونه إكراما للفاسق منهيّ عنه ، ولا مناص من اندراج مثل هذا المورد تحت باب التّعارض. (٢)
أمّا المورد الثّالث : فملخّص ما أفاده فيه ، هو أنّ مجرّد كون النّسبة بين الفعلين عموما من وجه ، لا يكفي في الحكم بالجواز ما لم يكن التّركيب بينهما على وجه
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ١ ، ص ٤١١.
(٢) راجع ، فوائد الاصول : ج ١ ، ص ٤١١.