لا يغيّره الجهل ، ولا النّسيان ، كتخصيص عموم «أكرم العلماء بمثل لا تكرم فساقهم» فإنّه تخصيص واقعيّ لا دخل فيه للعلم والجهل والنّسيان ، كما هو كذلك ما لو كان المكلّف واجدا للماء واقعا ، ولكن تيمّم جهلا أو نسيانا ، فإنّه يحكم هنا ببطلان تيمّمه ؛ إذ دليل التّيمّم مقيّد بفقدان الماء تقييدا واقعيّا ، ولا أثر للجهل والنّسيان فيه.
وبالجملة ، معنى التّقييد الواقعي في دليل الوضوء والغسل ، وكذا في دليل التّيمّم هو عدم مقدميّة الطّهارة المائيّة ـ حال الفقدان ـ وطهارة التّرابيّة ـ حال الوجدان ـ للصّلاة ، فيكون وجودهما ، كالعدم ، سواء اتي بهما جهلا ، أم نسيانا للغصبيّة ، ونتيجة ذلك : بطلان العمل ، وكذا بطلان الصّلاة لو اتي بها في الفرضين ووجوب إعادتها في الوقت ، والقضاء في خارجه ، كما أنّ معنى التّقييد الواقعي في مثل إكرام العالم ، بالعادل أو غير الفاسق ، هو عدم كفاية إكرام الفاسق ، وعدم إجزائه مطلقا ولو كان عن جهل أو نسيان.
(الفصل الثّالث : اقتضاء النّهي عن الشّيء للفساد)
اعلم ، أنّ جمعا من الأساطين (١) تعرّضوا امورا قبل الورود في المسألة وجعلوها موردا للبحث ، ولكن لا حاجة إلى شيء منها ولا يهمّ البحث عنها.
منها : اختلاف القوم في عنوان المسألة ، فعبّر عنه بعض (٢) بالاقتضاء ، وبعض
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٨٢ ؛ ومناهج الوصول : ج ٢ ، ص ١٤٩ ؛ وفوائد الاصول : ج ١ ، ص ٤٥٥.
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٨٢.